وحسب بيان صادر عن المؤسسة، فإنّ مارك أوجيه هو أنثروبولوجي فرنسي، من خريجي المدرسة العريقة «L’Ecole Normale Supérieure» سنة 1957، مبَرَّز في الآداب الكلاسيكية. انخرط في ستينيات القرن العشرين في حلقات الدرس الأنثروبولوجي التي كان ينشطها كلود ليفي ستراوس وجورج بالاندييه الذي كان له تأثير بارز في مسار أوجيه الأنثروبولوجي، سواء من حيث البراديغم النظري أو من حيث اختيار ميدان أبحاثه، حيث توَجَّه إلى إنجاز أبحاثه الميدانية في إفريقيا، وخاصة في ساحل العاج، مركزا على طرائق مساهمة الأنظمة الرمزية في تحديد الممكن الاجتماعي والممكن التفكير فيه، مُطَورًا مفهومه المركزي «Idéo-logique».
هذا وقد تَوَّجَ أبحاثه الأفريقية بمناقشة أطروحته للدكتوراه بعنوان «نظرية السلطات والأيديولوجيا» التي نالت جائزة «Dodo» من الأكاديمية الفرنسية سنة 1975. عُيّن أوجيه مديرا للأبحاث بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس، ثم مديرا لها خلال سنوات (1985-1995) خلفا لأبرز المؤرخين الفرنسيين فرنان بروديل ثم جاك لوغوف ثم فرانسوا فوري.
وقد شرع أوجيه منذ الثمانينات في توسيع ميدان أبحاثه ليشمل أوروبا وأمريكا الجنوبية، كما جَدَّد في موضوعاته لتشمل فضلا عن السلطة والدين والقرابة، موضوعات أخرى مثل المرض، الموت، الفضاء، الزمن، السرد، الخيال، المتخيل، الأطلال، المعمار، المدينة، الذاكرة، النسيان. كما اهتم بظواهر من الثقافة الجماهيرية مثل ديزني لاند، كرة القدم، ركوب الدراجات، السياحة، البحر وغيرها. لكن محور تحليلاته ظل منصبا على فهم آليات اشتغال الأنظمة الرمزية، التي لا تكتسب فعاليتها إلا في مكان وزمن محددين. ولهذا عمل في كتاباته على بلورة مفاهيم محورية، مثل اللا أمكنة «Non-lieux» ومفهوم المعَاصَرة «La Contemporanéité» والحداثة المفرطة «La Surmodernité».
إن تحول اهتمامات أوجيه من «البعيد الإفريقي» إلى «القريب الأوروبي»، ومن «عالم القبائل» إلى «عوالم المدينة» هي ثمرة اهتمامه بفهم تعقيدات «العوالم المعاصرة»، فأسس لهذه الغاية سنة 1992 «مركز البحث في أنثروبولوجيا العوالم المعاصرة» بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس، بمشاركة جيرار ألطاب «Gérard Althabe»، جون بازان «Jean Bazin»، وإيمانويل ثيراي «Emmanuel Terray».