يقول الداهي في كتابه الجديد « قد يبدو عنوان الكتاب لعباً لفظياً أو قلباً للعبارة نفسها في سياقين مختلفين (حياة المعنى / معنى الحياة) في حين يدل – وإن تغيرت مواقع الكلم – على وجهي العملة السيميائية ». ويُضيف « للمعنى حياة بترحاله من عمق «المسار التوليدي» إلى سطحه، ومروره بمستويات ومفاصل متداخلة ومتشابكة، وملازمته الإنسان في حركاته وسكناته، واستقراره في أشكال وأنساق ودعامات مفعمة بالدلالة. وللحياة معنى في ممارساتنا اليومية بحفزنا على تحقيق مشاريعنا الشخصية والجماعية، ومقاومة ما يحبط ويثني هممنا وعزائمنا، وتعزيز ما يعيد إلينا الثقة بأنفسنا، ويرد الاعتبار والكرامة لنا، ويحسن شروط عيشنا ».
ويأتي هذا الكتاب في إطار سلسلة من المؤلفات النقدية التي حرص من خلالها الداهي على تفكيك الكثير من القضايا والإشكالات ذات الصلة بالسرد. ففي كلّ كتاب يُبهجنا صاحب « سيميائية الكلام الروائي » بقدرة تحليلية مذهلة يُحرّر معها النقد من طابعه الكلاسيكي، صوب كتابة يمتزج فيها النقد بالفكر. لهذا يعتبر الداهي من الأسماء القليلة التي تكتب في النقد الأدبي بوعي مختلف وتُحاول عبر مجموعة من النصوص الأدبيّة أنْ تبني سيرة إشكالية مع مفاهيم نقدية يُخرجها من طابعها التجريدي صوب قراءات تحليلية. لهذا تبدو الكتابة وفق هذا المنزع النقدي عبارة عن عملية تُولّد المعنى انطلاقاً من النصوص الروائية والقصصية وغيرها، لا من خلال إسقاط المفاهيم والنظريات على النصّ الأدبيّ.