المكتبة الشاطئية.. فضاءٌ ثقافي يُكسّر رتابة يوميات البحر

شاطئ تهدارت بضواحي طنجة

في 07/08/2024 على الساعة 18:45, تحديث بتاريخ 07/08/2024 على الساعة 18:45

برزت في السنوات الأخيرة داخل عددٍ من المدن المغربية ظاهرة القراءة في البحر أو ما بات يُسمّى بـ « المكتبة الشاطئية » والتي تسعى من خلالها العديد من الجمعيات الثقافية والمجتمع المدني إلى تكريس الفعل الثقافي داخل فضاء البحر.

تتأسّس فكرة المكتبة الشاطئية على تقريب الثقافة من الناس خلال فترة سنوية تعرف نوعاً من الافراط في الترفيه والاستهلاك والاستجمام خلال فصل الصيف. إذْ يُؤمن المغاربة أنّ الثقافة تنتهي في فصل الصيف بتوقّف الدراسة، ما يجعلهم بعيدون عن عالم القراءة والكتاب. من هذا المنطلق تحاول الجمعيات أنْ تستفيد من وجود الناس بالبحر لتضعهم وسط مشروع ثقافي يُحرّرهم من الداخل ويبنون من خلاله عالماً من الرموز.

ذلك إنّ البحر ليس مكاناً للسباحة وممارسة الرياضة والترفيه، ولكنّه أيضاً للجلوس والقراءة والتأمّل التفكير. إنّ القراءة في البحر لها دلالات خاصّة بالنسبة لذاتية القارئ، فهي تُخرجه من عالم المدرّجات والمكتبات وتزُجّ به في عالم سحري تتمازج فيه عذوبة الكلمة بصوت موج البحر. ورغم عدم نجاح بعض التجارب في هذا الصدد، إلاّ أنّ فكرة المكتبات الشاطئية تبق ذات مكانة خاصّة داحل الاجتماع المغربي، فهو في حاجةٍ ماسّة لها ليس خلال فصل الصيف بل في كافّة الفصول لقضاء مزيد من الوقت مع الكتاب والبحر. الخروج من المكتبات العامة التي أصبحت بمثابة سراديب مُظلمة تُنفّر القارئ وتجعله يهرب إلى وسائل التواصل الاجتماع، صوب فضاء عمومي مفتوح على البحر، حيث تصبح الذات في كامل بهجتها والعين تُلامس زرقة البحر وتتأمّل إيقاعه وموسيقاه.

يُكرّس منظّمو المكتبات الشاطئية فعلاً ثقافياً غرامشياً (عضوياً) يجعل الناس تؤمن بقوّة الثقافة ومكانتها في الحياة اليومية. ذلك إنّها ليست مجرّد « بريستيج » بل هي قوّة خفيّة ساحرة تطرد الكسل اليومي وتدفع الناس إلى التفكير في موضوعات وقضايا وإشكالات تشغل مجتمعاتهم. لكنّ المكتبات الشاطئية لا تقف عند عملية عرض الكتب للقراءة فقط، بل نظّمت أكثر من مرة لقاءات مع أدباء وكشفت عن عواملهم الإبداعية بمعية كتاب ونقاد. كما أنّ عمل المكتبات الشاطئية لا يقف عند عرض الكتب وتنظيم اللقاءات الثقافية وإنّما الترويج لثقافة المكتبات والتعريف بالشاطئ وتاريخه وذاكرته، بما يجعل هذه المكتبات الشاطئية حيّة وذات قيمة معرفية كبرى وليس مجرّد مكان جامد يرنو إليه الناس هرباً من حرارة الصيف.

لذلك فإنّ المكتبات تلعب دوراً كبيراً في تقريب المعرفية حول البحر وفهم طبيعة بعض الشواطئ ونوع الرياضة الممارسة فيه. إنّه نوعٌ من السفر الروحي الذي يجعل فضاء المكتبة يُسافر بالناس إلى الماضي ثم يعود بهم إلى الحاضر في جولة معرفية تُحقّق لهم متعة خاصّة خلال يوميات البحر وتُكسّر من رتابة اللعب والترفيه والاستجمام.

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 07/08/2024 على الساعة 18:45, تحديث بتاريخ 07/08/2024 على الساعة 18:45