تأتي قيمة مثل هذه الكتب أنّها تُعيد الاعتبار لتاريخ المسرح وتعطي للقارئ مجموعة من المعلومات حول المسار الفني الذي قطعه المسرح المغربي منذ نشأته إلى اليوم. إنها عملية نوسطالجية تفرض على الباحث الرجوع إلى الوثائق ومشاهدة المسرحيات وإجراء مقابلات مع فنانين، وذلك من أجل إعادة بناء سردية معرفية حول ماضي المسرح المغربي. من ثمّ، فإنّ الكتاب وفق هذا المنزع الفني لا يشغل نفسه بعملية تحليل آني للمسرحيات الجديدة وإنما يبحث عن بناء سردية وطنية تُظهر حقيقة المسرح المغربي والمراحل الفنية التي قطعها في سبيل تحقيق مكانته وأصالته داخل البيئة العربية وفنونها.
يقول الباحث « لقد تم التركيز في مستقطب هذا الكتاب على امتدادات نشأة المسرح المغربي، وعلى إمدادات لمساره عبر قراءة النص والعرض المسرحيين في إبداعات من مراحل واختيارات مختلفة في حركة هذا المسرح، من أجل مد الوصل بها، وما يستتبع هذا من تقريب صورة المسرح المغربي في تنويعات من أهم أعماله إلى هذا المسرح ذاته، إذْ يرى ذاته في مرآة قراءته، وتقريب تجارب منه إلى القارئ الراغب في التعرف عليها في منجزها الفعلي، لا من الكلام المجرد عنها. فالمسرح يوجد في أ{صدته الفعلية في نصوصه وعروضه وكل كلام دون سند منها هو بمثابة الرجم بالغيب فبقدر الاقتراب منها يكون الاقتراب من المسرح الذي يعني نقده الاشتغال العيني المباشر على منجزه. فنقده إنتاج لمعرفة به وتاريخه كامن في صلبه، في نصوصه وعروضه وتطوراته عبر مساراته واختياراته ».




