تأتي قيمة هذا الكتاب، في كونه يناقش موضوع الصحراء المغربية في علاقتها بالسردية الاستعمارية، إذْ يستند من خلاله العدناني على مجموعة من الأرشيفات الفرنسية التي استطاع عبرها التنقيب في الموضوع والخروج باستنتاجات قوية ذات صلة بالحدود. فمنذ البداية يبدو عمل العدناني يتسم بمجموعة من الأفكار المذهلة الي تظهر مغربية الصحراء عبر سلسلة من الأرشيفات التي تخرج إلى الوجود لأوّل مرة. ويغلب على الكتاب العنصر التحليلي القوي الذي يجعل شكل الكتابة يأخذ بعداً فكرياً جدلياً، بل إن القارئ يجد نفسه أمام كتابة حفرية تجعل من المادة الأرشيفية أفقاً لبناء سردية تاريخية حقيقية تُظهر بقوة بعض تفاصيل ملف الصحراء ومسألة الحدود وعلاقة ذلك بالاستعمار.
وحسب ما ورد في تقديم الكتاب فإنّ مؤلف الجيلالي العدناني «كتاب تاريخ، غير أن الوقائع التي يوردها تجعل منه كتاب توضيح لمسار معقد رغم أن ذلك لم يكن في نيته كمؤرخ. لقد تم إنجاز بحثه الذي بدأه قبل سنوات طويلة في وقت دخل فيه نزاع الصحراء الغربية لجة أحداث الساعة التي لم يبرحها بعد. وقد غذى هذا النزاع كما هو معلوم كمية معتبرة من الكتابات أعربت جميعها عملياً عن آرائها حول النقاشات السياسية والقانونية أو الإيديولوجية التي تهم مواقف الأطراف المعينة. غير أن موقف هذه الكتابات ومواقف الدبلوماسية أيضاً جعلت من نزاع الصحراء مسألة ظرفية ومعاصرة بالأساس. أما كتاب العدناني فيدعونا إلى نظرة أخرى هي نظرة المؤرخ».
