قبل الخوض في تأمّل تجربة شكري حرصت عفاف الشتيوي على تشريح مفهومي الجمال والقبح من خلال مفاهيم النشأة والنسق والسياق والتطوّر، عاملة على تقديم ترسانة مفاهيمية مترابطة بها تُضيء الفصول النظرية الأولى بحيث لم تكتفي بدراسة مفهوم القبيح في شقّه الاصطلاحي، بقدر ما عملت على دراسته من منظورات مختلفة تتعلّق بالشخصيات أفعالها وأقوالها وصفاتها وأنماطها واضطراباتها. هذا بالإضافة إلى دراسته من ناحية الخطاب على مستوى السرد والوصف والحوار واللغة والزمن وغيرها.
تُقدّم هذه الدراسة المطوّلة تحليلاً دقيقاً لتجربة محمّد شكري حيث أبرزت الباحثة كيف يشتغل مفهوم القبيح داخلها وكيف يغدو القبيح مرادفاً لمفهوم الجمال. وتعتبر هذه الدراسة رفيعة من ناحية التفكير، لأنّها تضع التجربة في حدود النقد واختبار السراديب اللامفكّر فيها في تجربة صاحب « زمن الأخطاء ». لهذا تعدّ هذه الدراسة الأولى التي تطرق باب القبيح في التجربة الروائية لمحمد شكري وتعمل بقوة على تفكيكها وتأصيلها.
رغم المداد الكبير الذي أسيل عن تجربة شكري، إلاّ أنّ تناول مفهوم القبيح في رواياته وقصصه ظلّ مستبعداً من اهتمامات النقاد والباحثين. فالمفهوم جديد ولم يطرقه الباحثون العرب، مع العلم أنّنا نعثر عليه في السنوات الأخيرة داخل مجال الفنون البصرية. تأتي قيمة الكتاب في كونه يضع تجربة شكري في سياق نقدي مغاير، سياق يعيد لتجربته الأدبية بهجتها وقيمتها داخل المتن الروائي المغربي المعاصر