يرصد بوصوف من خلال هذه المحاضرة الشخصية الثقافية التي تتشكّل منها الشخصية المغربية، باعتبارها شخصية مركبة تشكّلت على مدار قرون، إذْ يعطي هذا الطابع التاريخي ما تكون عليه حقيقة المغرب بوصفه من البلدان التي يلعب فيها التاريخ دوراً محورياً.
لذلك يركّز بوصوف على الشخصية لأنها من الموضوعات التي أصبحت تفرض نفسها منذ اللحظة التي أصبح مفهوم الهوية يأخذ بعداً جدلياً ذلك المجتمع، إذْ الرغم من المداد الذي أسيل كثيراً في الموضوع منذ سبعينيات القرن العشرين، ما تزال الهوية تطرح مجموعة من الأسئلة الفكرية خاصة في زمن العولمة الذي أصبح فيه العالم صغيراً تختفي فيه الحواجز بين الدول بما يجعل الأمر يهدد الخصوصيات المحلية والأبعاد الثقافية بالنسبة لبلد له تاريخ كبير وسياحة طويلة الحضارة الإنسانية.
تأتي قيمة هذه المحاضرة في كونه تسلط الضوء على الروابط التاريخية العميقة التي تجمع بين المغرب وباقي البلدان الإفريقية، إذْ هناك ملامح ثقافية وروابط تاريخيّة أكثر من دبلوماسية أو اقتصادية، وهذا الأمر، يلعب دوراً كبيراً في بلورة هوية مغربية حقيقية تمتح بعضاً من الحضارة العربيّة، لكنّها تتماهى بشكل كبير مع الثقافة الإفريقية التي تعتبر مكوّناً أساسياً من مكوّنات الحضارة المغربية. كما أنّ مثل هذه المحاضرات التي تتخذ بعداً علمياً تلعب دوراً كبيراً في رفع كل الالتباسات التي تقف عائقاً أمام شرعية المعنى. لذلك، فهي تجدد النقاش وتدفع المتلقي إلى خلق نقاش حقيقي يجدد الأفكار ويرسم للمفاهيم حياة جديدة داخل نقاش الفضاءات العمومية.




