ويأتي هذا الكتاب على أساس إعادة كتابة التاريخ الجهوي في إطار دراسات تاريخيّة تُعرّف بتراث المنطقة وأعلامها وتاريخها. كما تُحاول هذه الدراسة رصد بعضٍ من قضايا ثقافية وسياسية ذات علاقة بالمنطقة وتاريخها. وتبرز أهمية هذا الكتاب في كونه يغطّي أحوال الجهة من وجهة نظرٍ مختلفة بين المجتمع والسياسة والثقافة والتاريخ. بما يجعل الكتاب غنياً من حيث مادته وأفكاره وطروحاته، حيث يُقدّم رؤية بانورامية عن تاريخ وتراث الجهة. كما يستعرض بعضاً من معالمها وآثارها، بما يجعل هذا النّمط من المعرفة التراثية يدخل ضمن أعمال المؤرّخ. إذْ يُسجّل المتابع كيف أنّ دراسة التراث، أصبحت حكراً على الباحثين في الأدب العربي. في غياب تام لاهتمامات المؤرّخين بالتراثين المادي واللامادي بالمغرب. غير أنّ الجمع في هذا الكتاب بين التاريخ والتراث، يُضمر في طيّاته وعياً دقيقاً بخصوصية الكتابة التاريخية المعاصرة، وما أصبحت تمليه من شروط لتحقيق حداثة على مستوى الكتابة.
نسّق الكتاب كل من عبد الغني السراضي والحو عبيبي وجواد التباعي وإدريس أقبوش إلى جانب دراسات أخرى كتبتها العديد من الباحثين المنشغلين بقضايا التاريخ والتراث.
يقول الدكتور مصطفى لغتيري « وعياً من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بأهمية البحث والتنقيب في التاريخ الجهوي ومنه تاريخ جهة بني ملال خنيفرة وتوثيق فصوله وإماطة اللثام عن مكنونه الغني والمتنوّع. وبالنّظر إلى ما يقتضيه التاريخ الجهوي من مقاربة دقيقة ونوعية، باعتباره واجهة جديدة في البحث التاريخي أثبتت نجاعتها في بناء المعرفة التاريخية وتأصيل مفاهيمها والإحاطة بقضايا المجتمع المغربي من كافة جوانبها وأدق تفاصيها. سعت المندوبية إل احتضان طبع ونشر هذا المشروع الفكري الأكاديمي الجماعي الرصين ».
وحسب الكتيري فإنّه « تبعاً لطبيعة ونوعية التيمات المقاربة من طرف الباحثين المساهمين في هذا الكتاب، فقد تم تقسيمه إلى أربعة محاور كبرى تضمّنت 21 مساهمة علمية أكاديمية محكّمة، والتي تعتبرها لبنة أخرى تنضاف إلى ما تم إنجازه في مشروع كتابة تاريخ جهة بني ملال خنيفرة ولدعم أسسه وتوثيق فصوله. بالنّظر إلى جدتها وتناولها بالدرس والتحليل لمواضيع مختلفة ومتنوّعة ومتكاملة فيما بينها، وذلك من خلال محاور تتعلّق بـ: جوانب من الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية، التراث المادي واللامادي.. التشخيص والتثمين، المقدّس.. الأنماط والوظائف، السياسة الاستعمارية والمقاومة المسلحة ».
واعتبر المندوب السامي لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري أنه « بعد هذا الإصدار الجماعي من المحاولات الأكاديمية الأولى، الجادة والرصينة التي تتغيا تدوين وتوثيق جوانب مهمّة من تاريخ جهة بني ملال خنبفرة التليد، والتي نأمل أنْ تكون حافزاً ومُحرّكاً وباعثاً على التفكير في مشاريع وأوراش بحثية أخرى حول هذه المنطقة المتميّزة بغناها التاريخي والتراثي، والإسهام في فتح المجال لطرح تساؤلات وإشكالات تلهم باحثين وأكاديميين من تخصصات علمية وحقول معرفية أخرى ».