ويقع الكتاب النقدي في 211 صفحة، ويتضمن أربع عشرة مقالة لباحثين وباحثات من المغرب وتونس (عبد العالي دمياني وإبراهيم أڴراف عبد القادر الدحمني وعبد الهادي سعدون ومحمد محي الدين وهشام موساوي وكريم بلاد وأسماء الصمايرية ومحمد بنعزيز وسعيد بوعيطة وخالد مساوي وأيوب سعدان وصباح مبروك وعبد الرحيم العلام.
ويأتي هذا الكتاب كثمرة لأعمال ملتقى الرواية بأكادير المنعقد بتاريخ 15/16/17/18 دجنبر 2022، حول «رواية الصحراء: منطلقات وتجارب». حاولت مجمل الدراسات التي يضمها الكتاب التوقف عند خصوصية فريدة في علاقة السرد الصحراوي باللغة والزمن والمكان، وكذلك في الأسلوب؛ حيث ترصد سرود الصحراء طرائق التفكير وأسباب الحياة البدوية وتتمثل الذائقة والفكر البدويين، وتعكس الطموحات والـأوهام والمخاوف.
هذا، «ويؤدي الفضاء في السرد الصحراوي دورا محوريا، تصبح الصحراء معه، بِعدّها فضاء خاصا، في صُلب عملية الكتابة. بل تصبح أداة هذه الكتابة، وغايتها، فيكتب الفضاء نصّه بنفسه، مستعينا بحركة التاريخ وسلطة المحكي الشفهي وشظف العيش وجفاف الواحات، وتحولات الكثبان لبناء فصول النص ومقاطعه. فالصحراء في النصوص السردية ورقة ممتدة، والحكاية الشفهية والمرويات القديمة والأساطير والتقاليد هي تلك الحروف التي تبني النص».
وحسب بيان الندوة فإذا كانت «البداوة أصل الحضارة العربية، كما يرى بعض الباحثين والمؤرخين، فإن ثقافة البدو امتدت في النصوص الإبداعية لتبني وجودها ولغتها وإيقاعها. حتى أن فضاء الصحراء أصبح مدخلا لتحديد هوية النص العربي. ولعلّ كتابات أجيال من الروائيين والروائيات شاهدة على هذا الانشغال الذي لم ينصرم عقده عبر أزمنة الرواية العربية، كما تبيّن كتابات عبد الرحمن منيف، وإبراهيم الكوني، والحبيب السايح، وجبرا إبراهيم جبرا، وعبد الحميد بن هدوقة، وصبري موسى، وغسان كنفاني، وميرال الطحاوي، وعبد العزيز الراشدي، وأحمد ولد عبد القادر، ورجاء عالم، وعبد الله البصيص، وعلاء فرغلي وغيرهم».
وقد سعت الدراسات التي يضمها هذا الكتاب إلى «إبراز خصوصيات هذا السرد وجمالياته وقضاياه، انطلاقا من تجارب روائية تمتد عبر مراحل الرواية العربية وأجيالها، كما تتناول جغرافيات ثقافية عربية مختلفة، برؤى ومنظورات نقدية ومنهجية عديدة راهنت على قراءة السرد الصحراوي ومقاربة نصوصه بوعي منهجي معاصر ومتجدد، سعيا إلى كشف ملامحه، ورصدا لسماته وقضاياه وآفاقه؛ بتتبع أحلام الروائيين وقدرتهم على الخلق الفني والصوغ الأدبي والحكائي، بحثا عن عوالم ممكنة أكثر حرية، ذلك أن الوجود الإنساني في تعدديته وانفتاحه وتحولاته ينتقل إلى عالم اللغة عبر التفكير الروائي والبناء الحكائي والجمالي للعالم، فتتحول الصحراء عبر الكتابة إلى فضاء حافل بالحياة والصراعات والأحلام».