تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يخصص مفهوم النظّر في أفلام سينمائية مغربية، إذْ يعمل وفق آلية نقدية على تفكيك المتون السينمائية للعديد من المخرجين، ممن يتنزّلون منزلة رفيعة ومرموقة داخل الثقافة الوطنية. غير أنّ الناقد لا يتوقّف هنا عند حدود الأفلام وتحليل صورها ومشاهدها، بقدر ما يرصد طبيعة الجدل الفكري الذي تخلقه الأسماء السينمائية، انطلاقاً من المفاهيم الفكرية المقترحة والتي تأتي في مجملها كأفكار حداثية تصارع الواقع وتنتقده وتسعى جاهدة إلى تجاوزه.
لذلك يقترح علينا الناقد مجموعة من المخرجين السينمائيين، ممّن تركوا بصمتهم الفنية داخل المنجز المغربي، عبر أفلام تبحث لها عن هوية بصرية تجد ملامحها في التربة المغربية وواقعها وذاكرتها.
يقول الناقد: «هذا مخرج شاب يعمل في سينما مغربية نائشة يبحث عن موضوعه وأسلوبه. ماذا سيصور؟ وكيف؟ يعرف أن عليه تجنب الأسلوب الكلاسيكي لتصوير فيلم، لكن ما البديل؟ ينزل إلى الشارع ليستقي الجواب من الشعب مباشرة يدخل حانة شعبية فيها كاتالوغ متنوع من الشخصيات، يصادف زبوناً يكلب كأساً أخيرة ويعيش نزاعاً تافهاً مع باقي الزبناء. نزاع بلا دلالة(فيلم أحداث بلا دلالة، إخراج مصطفى الدرقاوي) وبالتوازي مع تلقي أجوبة الشعب يجري تفكير عميق في الشكل الفني للفيلم ويشتعل جدال بين أعضاء فريق التصوير عن: ماذا سيصور وكيف؟ من يسبق الواقع أم الإبداع؟ هل نصور ما يجري حيا خاماً أم نحاكي ونبني ديكوراً ونجلب ممثلين؟ هل سنصوّر سينما فرجة وتسلية مثل السينما المصرية أم سينما ملتزمة مثل سينما أمريكا اللاتينية؟».
