تُنظّم هذه المحاضرة انطلاقاً من الاحتفال بشهر التراث، وهو شهر يتم فيه التعريف بتراث المملكة المغربية ورصد تاريخها وذاكرتها من وجهةٍ نظر رأسمالها الرمزي. إذْ تحرص مؤسسات عدّة على الاحتفال به مع ضرورة طرق بعض القضايا التي تتصل بهذا التراث من وجهات نظر مختلفة تتقاطع وتتلاقى بين العلوم الإنسانية ونظيرتها الاجتماعية. خاصّة في وقتٍ ينسحب فيه البحث حول التراث إلى الوراء مُفسحاً المجال إلى أشكال معرفية أخرى. وهو أمرٌ يُضمر في طيّاته بعداً فكرياً، لأنّه يكشف عن التحولات التي بدأت تطبع البحث العلمي في السنوات القليلة الماضية. بحيث هناك الكثير من القضايا المتصلة بالتراث والتي لم يتم إلى حدود الساعة طرقها أو على الأقل طرحها للنقاش بين الباحثين المنشغلين بالتراث الثقافي للمغرب.
من هذه القضايا نجد موضوع الأرشيف وصلته بقضايا تراثية كثيرة، خاصّة وأنّ هذا المفهوم يُعتبر بمثابة براديغم قويّ ومدخل حقيقي لمقاربة كلّ القضايا المتصلة بالتراث. من هنا نفهم السبب الذي يجعل جامع بيضا باستمرار يسعى من وجهة نظره كمُؤرّخ إلى بذل مجهود كبير يُعرف بالأرشيف المغربي ويصون تاريخه وذاكرته ويسعى من جهته إلى التعريف بع في كتب وندوات ومحاضرات، فالأرشيف كما يتبناه جامع بيضا عبارة عن حداثة أيْ أنّه في عمقه مرتبط بالمستقبل وليس بالماضي.