في هذا الكتاب يحاول العروي أنْ يواصل تأملاته الفكرية في قضايا تتعلّق بكوفيد والصراء والدبلوماسية المغربية والعلاقات المغربية والجزائرية والإسلام والغرب والموت. على مستوى الشكل يعتبر الكتاب أفقاً لـ « خواطر الصباح » ولكنّه من ناحية المضمون يتماشى بشكل أقوى مع كتابه « بين الفلسفة والتاريخ ». فالشكل يعتبر أساسياً في الكتابة لأنه يلعب دوراً كبيراً في عملية الاختيار وطريقة التعبير. فإذا كان صاحب « الايديولوجيا العربية المعاصرة » يختار « اليوميات » كشكل أدبي للكتابة، فذلك لأنّها تُتيح له إمكانية التعبير واختراق الحدود والسياجات التي تفرضها الكتابة الفكرية التقريرية على المفكّر. كما أنّ سهولة الشكل وانفتاحه على مختلف أشكال الفكر والقول والتعبير جعلت العروي ينتقل بسلاسة من موضوع إلى آخر.
في هذا الكتاب، يواصل العروي كتابة اليوميات، بما تُتيحه من إمكانية للتفكير، فهي تكاد تكون بمثابة مختبر فكريّ لتوليد القول. ذلك إنّ الكتاب يحاول عبر اليوميات أنْ يبني أفقاً عقلانياً ينظر إلى القضايا والإشكالات وفق طريقة مختلفة تعطي للفكر قيمة أكبر من ناحية التحليل وإخراج العديد من القضايا السياسية والدبلوماسية من الإطار البسيط الذي عادة ما يصبغونه عليها. كما تعطي هذه اليوميات مساحة كبيرة للتأمّل في ما آلت إليه الأوضاع السياسية والدبلوماسية في العالم. غير أن المثير للدهشة في هذه اليوميات، هو مدى اقتناع العروي التفكير العقلاني البرغماتي في تحليل الأمور.