ويأتي موضوع المحاضرة بحكم ما غدا يتنزّله من منزلة رفيعة ومرموقة داخل الأدب المعاصر. ذلك إنّ السفر بدلالاته الأنثروبولوجية الواسعة، مجال فكري خصبي، يُتيح للباحث إمكانات مُذهلة للتفكير في خصوصيات الآداب المعاصر ومعرفة حدود التأثير والتأثّر داخل الأجناس الأدبيّة. فكلّ الآداب العالمية تخضع لعملية تأثّر من الحضارات التي سبقتها أو التي اصطدمت معها في إطار حروب ونزاعات وعلاقات دبلوماسية وغيرها. ولنا في الرحلات السفارية التي قام بها عدد من الأدباء والفنانين إلى الشرق أو الغرب، خير مثال على طبيعة هذا التأثير في خصوصيات الثقافة الآخر. على هذا الأساس، اعتبر هذا النوع الأدبي المُركّب وثيقة قويّة تُظهر مدى عمق تجربة السفر وما تُقدّمه من إمكانات بالنسبة للباحث.
جدير بالذكر أنّ منير السرحاني، هو كاتب وشاعر وأكاديمي. يكتب في الشعر والرواية والنقد. وله إصدارات عديدة في مجالات مختلفة. ويُعد السرحاني من الأسماء الأدبيّة التي تكتب بوعي أصيل وتحاول عبر ما تكتبه أنْ ترسم أفقاً جديداً للكتابة الأدبية بانفتاحها على إشكالات حديثة وقضايا معاصرة أكثر تعلّقاً بتحوّلات الثقافة المعاصرة.