تأتي قيمة هذا الكتاب في وقتٍ ينسحب في النقد الخلاق إلى الوراء، مفسحاً المجال أمام مختلف أشكال التواطؤ الذي يساهم بطريقة خفية في تهميش الثقافة وجعلها خاضعة للسطحية والترفيه. ويحرص قبال في هذا الكتاب على تقديم مجموعة من القراءة للعديد من المؤلفات التي قرأها الباحث في مساره الثقافي والتي تشكل في نظره أفقاً مختلفاً للتحريض على القراءة والتفكير. وقد اختار قبال مجموعة من الكتب التي تعلمنا القراءة وفق زاوية نقدية تساعدنا على تفكيك الواقع والبحث عن نماذج جديد بها نحتمي من ضوء التحوّلات.
إنّ الثقافة النقدية تدخل ضمن صلب المشروع الحداثي الذي يجعل من النقد قاطرة للدخول إلى الواقع وقراءة التاريخ. ويستند الباحث في قراءاته على وعي مسبق بجوهر الوظيفة النقدية وما يمكن أنْ تقدّمه للقارئ ليس فقط على مستوى الثقافة ولكن داخل الحياة ككل.
يقول الباحث «بدأ لدي شغف القراءة باكتشافي كتاب ألف ليلة وليلة. ذلك أننا لا نتعلم القراءة من الكتب المدرسية أو الجامعية، بل من الكتب التي نختارها ونميل إليها. لذا تحتل القراءة والكتابة مكانا يتموقع ما بين لغتين عندما تتحول اللغة إلى مرآة للغة. وهذا الكتاب يتضمن قراءات مؤلفات كتبها مفكرون وكتاب وباحثون في الشأن العربي والغربي، تعرض علينا أفكاراً نقدية للزمن الحاضر، بتصدعاته، بانزلاقاته الإثنية، ببؤسه الفكري، وإرادة المقاومة التي تسكنه لمجابهة التردي. لذا فهو كتاب في عشق قراءة كتب. وأرفع ما أرغب فيه هو أن يوصل إلى سواي (وخاصة الشبان) ذلك القبس النوراني الذي يضيء أنفسنا ونحن نقرأ كتاباً يفتح أفقاً مختلفاً للحياة وأوسع لحرية التفكير والإبداع».
