يأتي اختيار نسيم حداد، باعتباره من الوجوه الفنية الشابة التي تُعنى بفنّ العيطة، بوصفه أحد الألوان الغنائية الشعبية التي ينبغي الحفاظ عليها وتثمينها. لذلك فهو يعتبر من الفنانين الجديد الذين اشتهروا بهذا الفنّ داخل المغرب. وإذا كان نسيم حداد قد ترك مجال دراسته العلمية وتفرّغ للمجال الفنّي، فهو أمرٌ نابعٌ من قناعته الشخصية على أساس أنّ هذا الفنّ الذي عرف طيلة سنوات نوعاً من التهميش ينبغي اليوم أنْ يتم إعادة الاعتبار له، سواء عن طريق تأليف دراسات ومؤلّفات حول تاريخه وذاكرته أو إعادة الاشتغال غنائياً على بعض من نماذج فنّ العيطة وفق تعبيرات موسيقية معاصرة، لا تجعل هذا الفن تقليدياً ويُنظر إليه على أساس أنّه من الفنون التقليدية، بقدر ما يحاول أنْ يتشابك فنياً مع مختلف أنماط الموسيقى المعاصرة.
تلعب مثل هذه الحفلات الغنائية دوراً كبيراً على مستوى التعريف بهذا اللون الغنائي الذي أصبح يعرفه المغاربة. إذْ إلى جانب ما تُوفّره من متعة على مستوى الاستماع، فإنّها تعمل بشكل ضمني عل تكريس هذا النوع الغنائي الذي أصبح يتنزّل منزلة رفيعة داخل الأجيال الجديدة. خاصّة وأنّ هذه الأشكال الغنائية لا تتطوّر إلاّ بإدماج الموسيقى المعاصرة، بما يجعلها متجدّدة وتبحث لنفسها دائماً عن مكانة داخل الأجيال الجديدة.