وجاء الكتاب في 288 صفحة، وحسب المؤلف أنه بين الإقامة في السرديات البنيوية ونظيرتها المعرفية، « تمتد جسور متينة، ولا يمكن أن تعتبر الثانية ملغية للأولى أو متجاوزة لها، فلا يمكن مقاربة السرد إلا بما هو سردي، أي بالأدوات التي تتيح للدارس والقارئ عموما أن يعرف الأسس التي يقوم عليها النص السردي، والآليات التي تشتغل في بنائه وتكوينه؛ غير أن الوقوف عند هذه الآليات دون تجاوزها هو مجحف وحق النص السردي كما يقول تودوروف، فالآليات هي هيكل، ولكن بمجرد أن يستوي البناء علينا أن تنظر إلى ما وراء الهيكل ولا نهتم به ».
وبالتالي، فقد « أتاحت السرديات المعرفية إمكانية الربط بين الهياكل الجانب البنيوي في السرد »، وما وراء الهياكل باعتبار أن كل نص يحمل معرفة تتأسس على أنساق فكرية خاصة تتولد من المحيط البيئي العام الذي يتقاسمه المؤلف والقارئ، وتقدم السرديات المعرفية مجموعة من الآليات والتصورات التي تسمح بتوسيع مجال السرديات وتعطي للنص السردي دفعة جديدة في بعده التواصلي من خلال إبراز البعد المعرفي الفكري الذي يتضمنه النص ويوجه بنياته السردية حيث تصبح هذه البنيات مؤشرات دالة على هذه الأنساق المعرفية الجوهرية التي توجهه. وبين فعل الكتابة وفعل القراءة تتفاعل البنيات والأنساق بصورة جدلية تحمل الواحدة منهما على الأخرى، ولا يمكن أن تقبض أثناء القراءة على هذه الأنساق المعرفية إلا بالمرور عبر هذه البنيات السردية التي تمثل تجليا تفعيلها بصورة مادية أو سلوكية لهذه الأنساق ».