وحسب الباحث، فقد «نشأت إمارة المؤمنين تيمناً بنموذج الرضوان (بيعة الولاء) التي قدمها المسلمون للرسول محمد صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 14 قرناً من الزمن. إنّها وثيقة مؤسسة، تبناها المغرب، وحافظ عليها وصانها. على الرغم من تغير الظروف وتوالي الأسر الحاكمة وانتقال الملك، ثم هي بمثابة مادة أولية، أساس لكل محاولة تتغيى فهم دينامية العلاقة بين الدولة والمجال الديني في المغرب».
ويعتبر صاحب «تمغربيت» بأن كل الإصلاحات المعتمدة وطيلة فترات تاريخ المغرب (القديم والحديث والمعاصر) انبنت وما تزال تنبني على هذه الدولة المركزية ذات الطابع الديني الجوهري. وعليه، فإن السياسة، حتى وإن خضعت لأشكال تفاوضية، معلنة، فإنها غالباً ما كانت تتم بالاحتكام إلى التشريعات الإسلامية (أي الفقه) أو إلى العادات والأعراف والتقاليد المحلية السائدة.
لهذا يعتبر بوصوف بأن «العمل على ضمان تواؤم واضح ومتزن بين مبادئ الإسلام الأصلية، والبحث عن حداثة تفرض نفسها يوماً عن يوم، إنّما يمر في تصورنا، عبر التشبث بالقيم الدينية التي تصبو إلى الوسطية والاعتدال. لكن مع تدعيمها وتطعيمها بمواد وإجراءات ومقتضيات من القانون الوضعي الذي يسنه الإنسان. هذه الازدواجية بين الأصالة والمعاصرة تعتبر إحدى المميزات الجوهرية التي طبعت مجمل تاريخ المغرب».