يحرص بياض من خلال محاضرته التي ينظمها نادي الدراسات التاريخية والتراث، على التذكير بقيمة المؤرخ ومكانته الاعتبارية داخل الثقافة المغربية، باعتباره صانعاً لمفهوم الحدث الذي يظلّ بدوره خاضعاً إلى سياق تاريخي ما. بيد أنّ المؤرخ هنا لن يقف عند مفهوم الحدث، بل يطرح سؤالاً أنطولوجياً حول جدوى التاريخ ومكانته وما الذي يجعل المؤرخ حاضراً داخل الزمن المعاصر، في وقتٍ لا نعثر فيه على مؤرخين يشاركون في النقاش العام، على أساس أن المؤرخ يظلّ مهتماً بالماضي، ف يحين يسجّل التاريخ كتابات العديد من المؤرخين الفرنسيين الذين احتفوا باللحظة المعاصرة وحاولوا من خلالها قراءة الماضي على ضوء الحاضر. يأتي اهتمام بياض بسؤال جدوى التاريخ وآلياته وميكانيزمات كتابته انطلاقاً من الدور الذي يضطلع به التاريخ في تقديم دروس لكونه يقدم مجموعة من الأجوبة عن بعض من القضايا والإشكالات ذات الصلة بالمجتمع والتي يعمل عليها المؤرخ ويحاول عبرها بناء سردية تاريخية تجاه مرحلة معيّنة.
وقد عُرف عن بياض مدى اهتمامه بالإشكالات المعرفية ذات الصلة بالتاريخ، انطلاقاً من مفهومه ومدارسه وتياراته وتجلياته داخل الكتابة المعاصرة. لذلك يعمل بياض في كل مرة على إلقاء محاضرات ذات خصوصية فكرية يُذكّر من خلالها بالدور الكبير الذي لعبته مدرسة الحوليات في الكشف عن وجه آخر للتاريخ من خلال توسيع مفهوم الوثيقة التاريخية وجعلها مشرعة في وجه التحولات العلمية التي عرفها التاريخ منذ منتصف القرن العشرين، حيث ستظهر مجموعة من الكتابات التي تحتفي بالبهاء المعرفي الذي قدمته مدرسة الحوليات والسعي إلى تكريس مفاهيمها ومواقفها تجاه المؤرخ وصنعته.
