في كتابه هذا يعطي الشرقاوي أهمية بالغة للترجمة ويعتبرها تدخل ضمن نمط التفكير وليس النقل، أيْ أنها عبارة عن نمط من الممارسة الفكرية التي تفرض على المترجم أنْ يكون صاحب رؤية أصيلة ومتشبّع بثقافة موسوعية تؤهله للقيام بمهمّة الترجمة، حتى يفرض من خلالها ممارسة فكرية معينة داخل مجالات العلوم الإنسانية ونظيرتها الاجتماعية. سيما وأن الثقافة المغربية رغم ما تتوفر عليه من أفق غني ومتنوع، فإن الترجمة ماتزال عملية فردية يقوم بها أفراد، في غياب تام للمؤسسات الثقافية التي تُعنى بالترجمة وتشجّع الباحثين على ارتياد آفاق الأدب والفكر والفن وغيرها من المكونات المشكّلة للثقافة المغربية.
يقول المترجم «تكونت عبر التاريخ كتلة من النصوص التي هي أقرب إلى الشهادات والوثائق المرتبطة بعمليات الترجمة. وفي العقود الأخيرة الثلاثة من القرن العشرين عرفت سيرورة الترجمة منعطفاً حاسما ارتفع بالخطاب حول الترجمة من مجال الممارسة إلى مجال النظرية. والنصوص المجموعة والمترجمة هنا قد يبرر اختيارها أمور ثلاثة : أولها : أهميتها في حد ذاتها، بما هي تأسيس أو مدخل لاتجاه في التفكير أو التنطير والممارسة المتصل بالترجمة ثانيها : قيمة أصحاب تلك النصوص، فلاسفة ونقاداً وتراجمة، لهم مواقفهم المركزية في أصول الفكر الحديث ثالثها : الأهمية التاريخية لتلك النصوص، حيث كان تاريخ صدورها وانتشارها تأسيساً لمواقف نظرية ومناهج تطبيقية في ما صار الآن يدعى دراسات الترجمة وجميع هذه النصوص المعروضة هنا مترجمة، قدر الإمكان والاستطاعة، عن لغاتها الأصلية« .




