تأتي قيمة المحاضرة التي يُسيّرها محمد رابطة الدين في كونها تُقدّم إطاراً علمياً تركيبياً لحصيلة الكتابة التاريخية بالمغرب. وهي محاضرة صعبة ومركبة ومفيدة للطلبة والباحثين، بحيث تدلّهم على التفكير في نمط الكتابة التاريخية بالمغرب والطريقة التي بها يُكتب بها التاريخ الوطني في علاقته بالمراحل التاريخية التي مرّ منها البلد في سبيل تحقيق استقلاله ومكانته سياسياً ودبلوماسياً واجتماعياً واقتصادياً. وتنطلق هذه المحاضرة من فكرة مركزية هامّة وهي أنّ الكتابة التاريخية بالمغرب، قد حققت تراكماً معرفياً يجعل الباحثين يعيدون التفكير في تقاليد الكتابة التاريخية والأثر الذي تتركه هذه الكتابات من ناحية الاهتمام بالموضوعات والقضايا التي تطال تاريخ المغرب.
يعد عبد الرحيم بنحادة أحد أبرز الوجوه الأكاديمية الرصينة التي اهتمّت بتاريخ الأتراك، بحيث قدّم مجموعة من الدراسات الهامّة مثل «العثمانيون: المؤسسات والاقتصاد والثقافة» و«استوغرافيات تركية: في كتابة الأتراك لتاريخ الدولة العثمانية». وهي عبارة عن دراسات أكاديمية تُعيد قراءة وتأمّل وكتابة تاريخ تركيا خلال الأزمنة الحديثة منها والمعاصرة. وعلى مدار سنوات تنزّلت كتابات بنحادة أهمية بارزة في المشهد العلمي ذلك إنّ كتاباته غزيرة وأصيلة من ناحية التفكير والكتابة، فهي ليست كتابة سرديّة تحوّل التاريخ إلى أشبه بالحكاية، بقدر ما تتأصّل ككتابة فكرية له أثرها في الواقع والذاكرة على حد سواء.
