تأتي قيمة هذا الكتاب الصادر عن منشورات دار بصمة في كونه عبارة عن دراسة تاريخية تقدم للقارئ مجموعة من الأفكار الهامّة حول المسار الذي قطعته الدول الموحدية منذ اللحظات الأولى من تشكّلها وصولاً إلى نهايتها. وهي عودة علمية تعطي للقارئ فسحة من التأمّل حول الإمكانات التي كان يحبل بها المغرب وقته السياسية والبلدان التي تعاملت مع دبلوماسياً واقتصادياً منذ بدايات العصر الوسيط. ورغم الدراسات الكثيرة التي كتبت عن الدول التي حكمت بلاد المغرب الأقصى خلال العصر الوسيط، إلاّ أنّ الكتاب يضمر اشتغالات مكثفة على موضوعات تاريخية طالما ميزت الحضارة الموحدية.
يقول الباحث «يتناول الجزء الأول من الكتاب رحلة تأسيس الحركة الموحدية إلى حين فتح مراكش، ثم ظروف تأسيس الدولة في مواجهة الأطراف المعاكسة لها، كما يعالج مرحلة امتداد النفوذ شمالاً إلى الأندلس وشرقاً إلى إفريقية. ووضعت في هذه الفترة بعض التنظيمات الضرورية أهمّها إحداث ولاية العهد بتحويل الحكم الشوري إلى نظام وراثي في سلالة عبد المومن».
أما الجزء الثاني في نظر عزاوي «يتناول فترة حكم الخلفاء: يوسف بن عبد المون ثم يعقوب المنصور بن يوسف ثم محمد الناصر بن المنصور. وقد حدث خلالها بعض الانتصارات الكبرى على الإسبان كما جرى في معركة الأرك، ووقع التغلّب على مشكل بني غانية المرابطين في إفريقية وحلفائهم من مماليك الدولة الأيوبية. وعرفت هذه المرحلة أيضاً نشاطاً تجارياً مع الإيطاليين رغم استمرار ظروف الحرب الصليبية في الشام وبداية تراجع ضغطها، وهو ما جعل القوى النصرانية تكثف جهودها لمواجهة الموحدين في الأندلس وانتهت بهزيمتهم في معركة العقاب».
