من المعروف أن هذا الفيلم الذي خلق الجدل منذ عرضه الأول عام 1982 والذي يرافق فيه المعنةني سيرة «ناس الغيوان» من خلال عدد من سهراتها. وقد شكّل الفيلم أفقاً مغايراً داخل سينما مغربية كانت تئن تحت وطئة التقليد والاجترار. ويمثل هذا الفيلم الذي يتقاطع فيه الوثائقي بالتخييلي تجربة أصيلة داخل السينما المغربية لأنه من الأفلام النوعية التي جعلت من تجربة غنائية تصبح موضوعاً سينمائياً. واعتبر الفيلم من طرق النقاد من أهم الأفلام في تاريخ السينما المغربية، لأنه أعاد الاعتبار لتجربة غنائية رائدة وجعلها تدخل غمار الصورة السينمائية، حيث اختاره المخرج الشهير مارتن سكورسيزي ليعرض في افتتاح «المنظمة العالمية للسينما». ومن تلك اللحظة يشكل الفيلم تراثاً سينمائياً مذهلاً، لأن المخرج أعاد فيه الاعتبار لمفهوم الهامش باقتناصه لحظات جوهرية في تاريخ الأغنية المغربية وفق أسلوب سينمائي تطبعه البساطة ويغلب عليه العمق الجمالي.
عرض هذا الفيلم سيمتحن واقع السينما المغربية ويجعلها تراجع نفسها أمام الاستسهال الكبير الذي بات يطبع أفلام، بعدما بدأ المخرجون المغاربة يحرصون على جعل أعمالهم السينمائية ذات نفحة ترفيهية، بغية تحقيق تماهٍ مع جمهور لم يعُد يريد سوى الفيلم التجاري، لأنه يجد فيه بعضاً من الترفيه، بعيداً عن سينما المؤلف التي تتميّز بقدرتها على خلق عالم آخر تغدو فيه الصورة السينمائية وسيلة لإدانة الواقع.
