بعدما أصدر اشويكة «المفارقة القصصية» و«مناقير داروين: نحو فلسفة للقصة القصيرة»، يختتم اشويكة هذه الثلاثية من مشروعه القصصي بكتاب جديد، يعمل فيه على تقديم سردية فكرية حول القصة القصيرة ويُعيد لها بهجتها وقيمتها الأدبية، في وقتٍ اختفت فيه دراسات القصة القصيرة من المشهد الثقافي المغربي بالمقارنة مع جنس الرواية. غير أنّ اهتمام اشويكة بالقصة لم يأتي من فراغ، ذلك إنّه يُعدّ من الأقلام القصصية التي تكتب وفق منزع مختلف، لدرجةٍ تبدو وكأنّها مشاهد سينمائية بحكم علاقته بهذا الفنّ ودراساته الكثيرة حول الفنّ السابع. لهذا فإنّ اهتمام اشويكة بهذا الجنس الأدبي الذي يكاد يكون مهمّشاً في الثقافة المغربية، نابع من فطنته في كون هذا الجنس يتوفّر على مقومات تجعله يُبلور نمطاً مختلفاً من التفكير، بل وقادراً على تأسيس فكرٍ فلسفي مختلف يمتح عوامله وأنساقه من الأعمال الأدبيّة.
تأتي قيمة هذا العمل في كونه يضع فنّ القصّة القصيرة في مختبر التفكير الفلسفي. وهو أمرٌ ينعدم في تربة الثقافة المغربية. بيد أنّ الاهتمام بهذا الجنس ليس سهلاً، بل يفرض على الباحث تحصيل نوع من المعرفة العالمة من أجل استشكال مكامن القوّة في هذا الجنس والإمكانات المُذهلة التي يُتيحها على مستوى التفكير في بعض من قضايا وإشكالات ذات صلة بالمعرفة. ويتمتّع اشويكة بحكم تكوينه الفلسفي على قدرة مذهلة في التحليل وعلى استقراء النصوص ومحاولة بناء أفق ثقافي مغاير تصبح فيه القصة القصيرة تعتلي فيه عرش الأدب وليس الهامش.