انتهت الأشغال بهذا الصرح بعد سنوات طويلة من العمل ليصبح أيقونة ثقافية للعاصمة الاقتصادية، إلا أنه ظل غير مستغل، مما أثار إحباطا وتساؤلات عديدة. واحدة من أبرز الأسباب وراء هذا التأخير هي غياب نموذج إداري واضح لإدارة هذا المرفق.
يقع المسرح الكبير بالقرب من ساحة محمد الخامس، ويثير الإعجاب بتصميمه العصري وأبعاده المهيبة. شارك في تصميمه كريستيان دو بورتزامبارك، المعروف عالميا، ورشيد الأندلسي، الذي اشتهر بدمجه بين العناصر المعمارية المغربية التقليدية والإبداعات الحديثة. يعكس المبنى مزيجا فريدا من التراث والابتكار.
يمتد هذا الفضاء الثقافي على مساحة 47,000 متر مربع، ويتضمن عدة مساحات مرنة الاستخدام، منها قاعة رئيسية تتسع لـ1,800 مقعد مصممة لاستضافة العروض الدولية، وقاعة متعددة الأغراض تتسع لـ600 مقعد مخصصة للفعاليات ذات الطابع الحميمي، بالإضافة إلى مسرح خارجي مفتوح يمكنه استقبال حتى 8,000 متفرج، وهو مثالي للمهرجانات في الهواء الطلق.
عقبات إدارية تعيق التقدم
رغم انتهاء الأعمال الفنية وتسليم المبنى منذ ست سنوات، وتحديدا في عام 2019، فإن إدارته ما زالت تواجه عراقيل إدارية.
وفقا لما كشفه مصدر لـLe360، فإن الجهة المسؤولة عن المشروع « شركة الدار البيضاء للتهيئة » لم تسلم المفاتيح بعد إلى شركة التنمية المحلية الأخرى « الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات ».
إقرأ أيضا : اكتشف أضخم 5 مشاريع متعثرة بمدينة الدار البيضاء
يُذكر أنه في أكتوبر 2021 تم توقيع اتفاقية بين مجلس المدينة ومجلس الجهة وشركة الدار البيضاء للتهيئة. نصت الاتفاقية على أن شركة « الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات » ستتولى الإدارة الفنية للمسرح بعد فترة من الدعم الفني من شركة « فيملاك » الفرنسية، التي كانت مسؤولة أيضا عن تدريب فريق مغربي على الجانب التقني لضمان استمرارية العمل بعد انتهاء الفترة الانتقالية البالغة عامين.
رمز للوعود غير المنجزة
تم تنفيذ المسرح الكبير بميزانية بلغت 1.4 مليار درهم، وكان من المفترض أن يكون مصدر فخر وطني ومكانا يجمع بين الفنانين والجمهور. لكنه تحول اليوم إلى رمز للوعود غير المحققة.
يؤثر هذا التأخير سلبا على الديناميكية الثقافية في الدار البيضاء، وهي مدينة تعاني من نقص حاد في البنية التحتية المناسبة للعروض الفنية الكبرى. كما أن تكاليف صيانة المبنى غير المستغل تُثقل كاهل المدينة ماليا.
تدقيق نهائي
أعلنت شركة الدار البيضاء للتهيئة مؤخرا عن طلب عروض لاختيار شركة تتولى التدقيق النهائي للمشروع. يشمل هذا التدقيق الخارجي جوانب الشراء والحوكمة والتنظيم والتمويل، وسيتم تنفيذه وفقا للمعايير والأنظمة المعمول بها.
يهدف التدقيق إلى التحقق من الالتزام بشروط تنفيذ المشروع كما حددتها اتفاقية إنشاء المسرح الموقعة في 4 أبريل 2011 بين الشركاء المختلفين. ومن المقرر فتح العروض في 18 دجنبر المقبل.