يحرص المشروح في مؤلفاته الأخيرة على « تأريخ » الذاكرة السينما المغربية، إذْ يعمل في كل اصدار جديد على وضع السينما داخل مجال التفكير التاريخي، أمام الغياب المهول الذي تعاني منه الساحة السينمائية فيهل يتّصل بالمؤلفات التي تُعنى بتوثيق السينما المغربية وتكشف مرجعياتها الفكرية وسياقاتها التاريخية ملامحها الجمالية وفق كتابة يمتزج فيها الأدب والتاريخ والفكر، وعياً من أصحاب هذا النمط من الكتابة بالأهمية التي تحبل بها السينما في إنتاج خطاب سينمائي مركّب. لذلك يعمل الباحث في هذا الكتاب على الوقوف عند البدايات الأولى للسينما المغربية ومحاولة خلق تجربة مغايرة في البحث على مستوى التعامل مع الوسيط السينمائي، بحكم ما تتيحه السينما من إمكانات معرفية بالنسبة للبحث التاريخي، سيما حين يتجد المؤرخ نفسه أمام فراغ مهول من ناحية الوثائق التي ستسعفه على كتابة تاريخ جديد للمغرب.
تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يضع السينما ضمن اهتمامات البحث التاريخي، بحكم العلاقة الوطيدة التي تربط السينما بالتاريخ وقدرة الأولى تزويد المؤرخ بعدد من المعلومات التاريخية خلال مراحل متعددة من تاريخ المغرب الحديث. كما أنّ السينمائي نفسه يستفيد من التاريخ ويجعل من أفقاً لتخييل مادة واقعية / متخيّلة داخل قالب تاريخي يعطي إمكانات كبيرة في رصد الواقع والتعامل مع الفيلم وفق آلية تدفع السينمائي إلى المشاركة في التاريخ من خلال الحذف والتصويب والنقد والإدانة.



