السياسي والمؤرخ: من يصنع التاريخ؟ موضوع الأيام الوطنية لجمعية البحث التاريخي

تطرح الجمعية موضوع السياسي والمؤرخ وعياً منها بالجدل الذي بات يصاحب رجل السياسي في يومياته السياسية. من ثمّ، فهي تطرح السؤال من الذي يصنع التاريخ، مع العلم أنّ السؤال يبقى غامضاً، إذْ لا نعرف بالمقصود بالتاريخ وذلك لأنّ السياسي بحكم المناصب التي يتقلّدها والأدوار السياسية التي يؤديها في خدمة المجتمع تجعله أحياناً يصنع تاريخه خلال بعض المراحل، في حين يظلّ المؤرّخ مهما بلغت حنكته في الكتابة التاريخية يُطارد رجل السياسي ويستقصي مخططاته وأجنداته بل وأحياناً يكتب سيرته السياسية كما يحدث اليوم في التاريخ الراهن عند ومرة من السياسيين ممن تركوا أثراً داخل المجتمع والسياسة والتاريخ.

تأتي قيمة هذه الجمعية في كونها أحد أبرز التكتلات العلمية التي استطاعت على مدار سنوات طويلة أنْ تنتج معرفية علمية أصيلة بمناهج البحث في تاريخ المغرب. إذْ قدّمت العديد من الندوات واللقاءات والمؤلفات التي تُعنى بالمغرب وتاريخه وذاكرته. وحظيت الجمعية بمشاركة كبار المؤرّخين المغاربة ممّن تركوا بصمتهم داخل مجال البحث التاريخي وساهموا في مجمل الندوات الوطنية التي قدّمتها الجمعية من تكريس البحث في التاريخ وإبراز قيمته ورمزيته بالنسبة لبلد له تاريخ ضارب في قدم الحضارة الإنسانية.

وقد « كان وراء مبادرة تأسيس الجمعية ثلة قليلة من أساتذة التاريخ، وعلى رأسهم المرحوم محمد زنيبر، وابراهيم بوطالب ومحمد القبلي وعبد اللطيف الشاذلي، حيث عقدت الاجتماعات الأولى في مدينة سلا بمنزلي الأستاذين زنيبر والشاذلي ومن خلال أول محضر محرر بخط هذا الأخير، نستطيع أن نحدد تاريخ التأسيس في شهر يونيو 1975 أو قبله بقليل، كما أن هذا المحضر يفيد أن الأساتذة المؤسسين هم: محمد زنيبر وابراهيم بوطالب وحليمة فرحات ومصطفى الشابي وأحمد التوفيق وعلي صدقي والعربي مزين وعبد اللطيف الشاذلي وعبد الله العروي ومحمد القبلي. وكان المرحوم محمد زنيبر أول الكتاب العامين لهذه الجمعية ».