وتُعتبر « قولي متى » من أجمل أغاني سعد لمجرّد، ذلك إنّ تأثيرها بدا بارزاً على المُستمع من حيث عدد المستمعين الذين يتزايدون يوماً بعد يوم. كما أنّ الأغنية تركت صدى طيباً لدى جمهوره، لا لأنّها أغنية ترفيهية، حاول من خلالها سعد لمجرّد الرجوع إلى العشق الهندي الذي طبع علاقة المغاربة بالثقافة الهندية، بل لأنّ قوّة أداء المغنين والاعتماد على نوعٍ من الموسيقى الأوبرالية التي تُعطي للصوت قيمة أكبر، بالمقارنة مع أنماطٍ غنائية أخرى يكون فيها الأداء الموسيقي موجّهاً لمسار الأغنية.
لقد تفوّق لمجرّد على كبار المطربين العرب الذين لم يستطيعوا إنجاز أغاني شبابية تُساير تحوّلات المجتمعات العربية، وتسعى جاهدة إلى رسم ملامح تجربة غنائية تُعطّل ملكة الصوت، وتزيد من حدّة اشتغال الأداء الموسيقى، خاصّة ذات النفس الإيقاعي الذي يرتجّ معه الجسد من خلالها.
في كلّ أغنية جديدة، يتفوّق « المعلم » على منافسيه لدرجةٍ يبدو فيها المُستمع وكأنّه مُخدّر، على الرغم من أنّه ليست كلّ أغاني لمجرّد جيّدة من ناحية الأداء الغنائي والتأليف الموسيقى. لكنّ الأغنية الأخيرة، تمتلك وعياً فنياً كبيراً، سواء تعلّق الأمر بالصوت أو الكتابة أو العزف أو التصوير. إنّها عناصر فنية مترابطة فيما بينها، ساهمت إلى حدّ كبير في تقديم عمل غنائي مُركّب بشكله ومُتكامل في تصويره ومتنوّع على مُستوى الأداء الغنائي.
ورغم عدم مشاركة كلا من النجمتين الهنديتين الأغنية عل صفحاتهما بوسائل التواصل الاجتماعي، بسبب النقد الذي تعرّضا له من طرف الجماهير الهندية بسبب يوميات المحاكمة التي رافقت سعد لمجرّد خلال سنة 2023، فقد طلّت الأغنية ترسم لها أفقاً كبيراً في قلوب الجماهير، عاملة على تقديم لمجرّد كنجم مغربي صاعد، يُحاول مراراً اقتحام باب العالمية، بعدما أصبحت أغانيه تُضاهي مشاهدة واستماعاً كبار الفنانين في العالم.
في أغنية « قولي متى؟ » عمل لمجرّد على استحضار التراث الموسيقى الهندي، ومحاولة توليفه مع سياق مغربي معاصر. أغنية استشعر فيها كيف يُمكن أنْ يغدو هذا العشق الهندي أفقاً جديداً للصناعة الموسيقى المعاصرة. فالأغنية لا تتوقّف جمالياتها على أداء المغنيين فقط، بل حتّى في طريقة تصوير الكليب الذي يبدو حكائياً وشبيهاً بفيلمٍ سينمائي. هذا في حدّ ذاته جديد يُعوّل عليا فنياً، بحكم أنّه ساهم في إبراز ثراء الأغنية، صوتاً وتأليفاً وعزفاً.