يدخل الكتاب ضمن اهتمامات السعداني بتاريخ أمريكا، فهو واحد من الباحثين القلائل الذين يهتمون بتاريخ أمريكا وينسجون منذ سنوات طويلة علاقة خاصّة مع التاريخ الأمريكي. سيما وأنّ المؤرخون المغاربة لم يهتموا بتاريخ أمريكا مقارنة مع نماذج أخرى. وبالتالي، فإنّ الكتاب يُقدّم رؤية فكريّة هامّة عن الهوية الهندية الأمريكية وتفكيك بعضٍ من مآزقها وإشكالاتها. فقيمة الكتاب تأتي في كونه يدخل في علم التاريخ وذلك بما يُتيحه هذا العلم من إمكانية في النّظر إلى السياق التاريخي الذي ساهم في ميلاد هذه الهوية التي باتت متشظية ومدار صراع بين العديد من أطياف المجتمع. وتُمكّن المقاربة التاريخيّة من قدرة على تحليل الوقائع وفهم الأسس العلمية التي تصوغ معالم مفهوم الهوية وفهم بعضٍ من تجلياتها. على أساس أنّ المؤرّخ يتوفّر على العديد من الإمكانات المعرفية التي تدفعه إلى أنْ يكون خطابه المعرفي مؤثّراً في عملية فهم هذه الهوية وإبراز معالمها.
يعتبر خليل السعداني من الباحثين الذين راهنوا على كتابة مختلفة. كتابة لا تهتم بالتاريخ الحدثي، بقدر ما تحاول أنْ تبحث لها عن نمطٍ من الكتابة الذي يقترب إلى الفكر. ويتمتّع خليل السعداني بتكوين فريد في مجال البحث التاريخي. يقول الباحث عن كتابه الجديد « يوضح هذا المؤلف مدى غنى التراث الثقافي لهنود أمريكا، فالسكان المحليون لم يشكلوا أمة واحدة ولم يكونوا يسكنون كلهم خياماً، ولا يتزينون جميعهم بالريش الموضوع فوق رؤوسهم ولا يتكلمون ذات اللغة، فعلى الرغم من وجود سمات مشتركة، تميّزت طرق عيشهم بالتنوّع والاختلاف. ويدين العالم لهنود أمريكا بالكثير من العطاء، فبصماتهم لا تزال مائلة في كثير من مظاهر الحياة الأمريكية. كما أنّ المزروعات المأخوذة عن الهنود تشكل اليوم حوالي ثلث مأكولات العالم. وكانوا أوّل من استعمل أحذية الموكاسان وزوارق الكانو والزلاجات والأرجوحات والكرات المطاطية. وهذا ما يفسر ما يحظى به الهنود من رأسمال رمزي قوي لدى الرأي العام العالمي ».