تعتبر سينما بنجلون علامة مميزة في ذاكرة السينما المغربية. ذلك إنّ تجربته مفتوحة على تحولات المجتمع المغربي منذ سبعينيات القرن العشرين إلى اليوم. وتتميّز أفلامه بقوّها التجريبية، أيْ أنّها لا تمشي وفق نفس واحد، بل يحرص المخرج في كلّ فيلمٍ جديدٍ له أنْ يُجرّب موضوعاً ما وإنْ كانت هذه الثيمات تتصادى فيما بينها لتُكوّن خليطاً جمالياً من الصور التي بقدر ما تتقاطع مع بعضها البعض على مستوى الكتابة وميكانيزمات التصوير، فإنّها تلتقي من جهة أخرى مع باقي الصور من ناحية المنطلقات الفكرية التي تصوغ ذائقة المخرج ورحابته الإبداعية. ورغن تنوّع الموضوعات وأوجه التعبير عنها فنياً، إلاّ أنّ سينما بنجلون تبق ذات ميزة خاصّة لدى المُشاهد لكونها تظلّ لصيقة بمفهوم الالتزام الذي يعنى بقضايا الناس ومشاغلهم.
ويأتي فيلمه الجديد في تصريح سابق له مع le360 في كونه عبارة عن رحلة في عالم التصوف من خلال شخصية (ياسين أحجام) تعتزل الحياة العامة بكل نواحيها وتتفرغ للعبادة والحب. لهذا يظهر الفيلم مدى اختلافه عن أعمال فيلموغرافية أخرى للمُخرج، فإذا كانت بعض أفلامه تنطلق مما هو سياسي أو اجتماعي، فإنّه هنا يأخذ بُعداً ذاتياً يُعيد نسج علاقة وجدانية مع المتخيل. ويعتبر حسن بنجلون أنّ هذا الانتقال من السياسة والمجتمع صوب التخييل الذاتي، يعود أساساً إلى كونه لا يُحبّ تكرار نفسه، إذْ يبحث لنفسه عن آفاقٍ جماليّة أخرى يُطوّع فيها جسده ويُحوّل الصورة إلى مختبر للتفكير والحلم.