وحسب أرضية الندوة، «تشكل الصحراء في تمثلاتها الجغرافية والثقافية والرمزية، فضاءً شاسعاً ومفتوحاً لتأمّلات الإنسان وأسئلته الوجودية الكبرى، فهي ليست مجرّد رقعة قاحلة أو فراغ جغرافي يفتقر إلى الحياة، بل هي فضاء محمّل بكثافة رمزية ودلالية تتجاوز الظاهر المادي لتلامس أعمق ما في الإنسان من تساؤلات حول الوجود والمصير والمعنى. لقد حضرت الصحراء عبر العصور كعنصر مركزي في خيال الإنسان الفردي والجماعي، وألهمت مختلف أشكال التعبير الإبداعي والفكري من الأدب إلى الفنون ومن اللغة إلى الفلسفة».
ويضيف المصدر: «في الأدب ارتبطت الصحراء منذ النصوص الجاهلية الأولى بصورة البداوة والبطولة والفروسية، حيث كانت التحدي والكرم والخطر معاً، ثم تطورت دلالاتها لتصبح في الأدب الحديث والمعاصر فضاءً للتيه والتأمّل ومرآة للذات الباحثة عن الخلاص أو الانتماء. لقد جسّدت الصحراء في الشعر والسرد رمزاً للانفصال عن الضجيج الحضري والعودة إلى جوهر الحياة، حيث تتجلى التجربة الإنسانية في أنقى صورها، بعيدة عن تعقيدات المدن وماديتها ومن خلال هذا الامتداد، تحولت الصحراء من مجرّد خلفية مكانية إلى فاعل سردي يساهم في تشكيل الرؤية الأدبية والمعنى الوجودي للعمل الفنّي».
أما في مجال الفنون، فيقول فريق الندوة لأنّ «الصحراء تجسّد بندرتها البصرية وامتدادها اللامحدود فضاءً جمالياً وروحياً في أن واحد، فاللون والضوء والظل والفراغ والحركة البطيئة كلها عناصر توظف لاستحضار الإيقاع العميق للصحراء، وللتعبير عن حالات إنسانية متطرفة كاالعزلة والانخطاف والانكشاف الداخلي، في التشكيل كما في السينما، تغدو الصحراء خلفية للحكاية وامتداداً لشخصياتها، حيث تتلاقى الجغرافيا بالنفس ويصير الفراغ مليئاً بالمعنى».



