تأتي قيمة هذه الترجمة الإنجليزية في كونها تعطي للثقافة الغربية إمكانية الوقوف عند ملامح الفكر الأنثروبولوجي بالمغرب، على أساس أن الكتاب لعب دوراً كبيراً في تاريخ «الأنثروبولوجيا المغربية» بوصفه من المؤلفات النقدية الهمّة التي أخرجت الفكر من تمركزه حول السلطة ونظام الحكم والخطاب الديني والحركة الوطنية، صوب الاهتمام بقضايا مركزية في حياة الفرد. لذلك يشكل مفهوم الجسد مدخلاً عند الخطيبي لمقاربة إشكالات ظلّت في حكم اللامفكّر فيه داخل الثقافة الوطنية، إذْ يعتمد الثقافة الشعبية أفقاً للتفكير في تاريخ هذه الثقافة من منظور هامشي يُعيد للممارسات الشعبية شرعيتها على مستوى المعرفي.
صدرت الترجمة العربية للكتاب عام 1980 من طرف الشاعر محمد بنيس، حيث سيكتشف القارئ ولأوّل مرّة ميكانيزمات الخطاب المركّب عند عبد الكبير الخطيبي، باعتباره من المفكّرين المغاربة الذين راهنوا على مفهوم الهامش وجعلوا منه أفقاً لطرح أسئلة جوهرية ذات صلة بالثقافة المغربية المعاصرة. وعلى مدار 50 سنة، شكّل هذا الكتاب مرجعية علمية قوية للباحثين في المجال الفكري، فهو يُقدّم لهم نمطاً مغايراً من التفكير ويكشف عن كنوز معرفية ذات قيمة كبيرة في هذه الثقافة.



