يأتي عرض هذا الفيلم بعد سلسلة من النجاحات التي حققها الفيلم في عيون الجمهور والنقد على حد سواء. إذْ يعمل مول دويرة في فيلمه هذا على استعادة لحظات شخصية مقتنصة من مدينة أبي جعد بكل ما تحمله من تاريخ وتمثّله من ذاكرة رمزية ما تزال مؤثرة في الراهن. لهذا يحاول المخرج جعل الذاكرة بمثابة مدخل حقيقي لبناء علاقة مع الواقع وإعادة ترميمه جمالياً وتركيبه سينمائياً.
إنّ المخرج وهو يعود إلى طفولته في المدينة، فهو لا يتهمّه عملية المحاكاة السينمائية، بقدر ما يبحث عن أشياء ظلّت عالقة في ذاكرته أو أخرى يستعيدها وهو داخل فضاء المدينة. لذلك، يجد المشاهد نفسه أمام فيلم يبدو أنّه موجّه للمخرج نفسه أكثر مما يعني الآخر. من هنا، تكمن مفارقة الفيلم وجمالياته، لكونه يقدم لنا حكاية طفل عاش لحظات من حياته داخل مدينة ما يزال هسيسها يجري في جسده حتّى الآن.
ينتمي المخرج إلى الوجوه الجديدة التي ظهرت في الآونة الأخيرة داخل المشهد السينمائي والتي تحاول عبر الكاميرا أنْ تؤسس لها علاقة خاصّة مع الواقع. لذلك فإنّ الفيلم يقدم صورة مميزة عن المخرج والطريقة التي بها يفكر ويحاول أنْ يقدّم مشروعه السينمائي على أساس أنّه يندرج ضمن سينما ملتزمة تحفر مجراها عميقاً في المجتمع وليس مجرّد سينما بتحث عن الترفيه.



