تأتي قيمة هذا المؤتمر في كونه يحفر عميقاً في مفهوم الهامش، باعتباره من المفاهيم المركزيّة الهامّة التي ما تزال لم تحظى باهتمام كبير من لدن الباحثين. لذلك فإنّ تنظيم مؤتمر من هذا القبيل يعطي للقارئ إمكانية فهم هذا المفهوم ومعرفة حدود اشتغاله داخل الثقافة المغربيّة، سواء كفضاء جغرافي فيه تتبلور العديد من التجارب الأدبيّة أو بوصفه مفهوماً مركزياً يعطي للمبدع إمكانات تخييلية. خاصّة وأنّ الهامش ليس مفهوماً فقط، بقدر ما يُمثّل موقفاً ضمنياً من مفهوم المركز وطريقة مغايرة للتفكير ضدّه بسبب ما ينتجه من مقاربات رسميّة تُشكّل عائقاً أمام عملية الفهم خطاي معيّن. وحسب بيان للمؤسّسة فقد «أضحت موضوعة الهامش في التشكيلات الخطابية الراهنة في الآداب كما في العلوم الإنسانية والاجتماعية موضوعة تقتطع أحيازاً أساسية ضمن الخرائط الممتدة والمتشابكة النظريات والمناهج لمختلف هذه الإنتاجات التخييلية السردية كما العلمية، وذلك ارتباطاً بتنامي الانشداد المعرفي للموضوعة المركزية الكبرى التي تخص الإنسان، مستند هذا الاهتمام المتزايد بالهامش كموضوع مستند باكتشاف متأخر لقضايا هامشية حيث أن كل المجتمعات كما الثقافات أنتجت مراكزها مقترنة ضرورة بوجود هوامشها، بل هو رهين تطور السرديات الخاصة بالمركز والهامش».
على هذا الأساس، فإنّ انخراط «الاهتمام المعرفي التساؤلي بالهامش ضمن ممارسة علمية حديثة العهد ارتباطاً في العلوم الإنسانية والاجتماعية بانتباه علم التاريخ منذ القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين لتاريخ المهمشين كما اتجاه علماء الاجتماع نحو دراسة الفئات الهشّة والمهاجرين مع مدرسة شيكاغو، هذا فضلاً عن الدراسات الاقتصادية التي اقترحت توصيفات متنوعة تخص المعطيات الخاصة بالفئات الفقيرة والمقصية والعاطلة، كما لا يمكن إغفال قيمة الدراسات ما بعد الكولونيالية في تفكيك المركزية الغربية وتفتيت أغلفة السمك الإيديولوجي لثنائية المركز الهامش خاصّة على المستوى الثقافي».
