يعد محمد الأشعري من التجارب الأدبيّة الكبيرة التي استطاعت على مدار سنوات طويلة أنْ تشغل اهتمامات النقاد، بعدما تحولت تجربته الشعرية ونظيرتها الروائية إلى مختبر معرفي مفتوح أنجزت حوله العديد من المؤلفات والندوات والأيام الدراسية داخل المغرب وخارجه، وعياً من المؤسسات العلمية بقيمته ومكانته داخل الأدب المغربي المعاصر. لذلك يعد صاحب «الخميس» من الوجوه المضيئة التي استطاعت خلال المرحلة التي كان يشغل فيها منصب وزير الثقافة إبان حكومة التناوب التوافقي أنْ يؤسس للثقافة المغربية حاضرها عبر سلسلة من الأنشطة واللقاءات والندوات والبرامج التي تزيد من الثقافة المغربية توهّجاً ومكانة داخل المشهد اليومي. فقد حرص الأشعري على تحديث الثقافة والدفع بها صوب واجهة المشهد السياسي وجعلها آلية من آليات التغيير السياسي، عاملاً على قلب معادلة التبعية التي ظلت قائمة منذ السبعينيات حول تبعية الثقافي للسياسي.
تأتي قيمة هذه المحاضرة في كونها تضع الإعلام في صلب الثقافة والمجتمع بالمغرب، على أساس أنّ الإعلام يلعب دوراً كبيراً داخل المجتمع، فهو عنصرٌ هام من العناصر المؤثّرة في المجتمع، كما أنّ الثقافة تحضر في المجتمعات المعاصرة لا بوصفها إكسيسواراً وإنما عملية تحديثية تحرّر المجتمعات وتجعلها تخترق بنية الفضاء العام، على أساس أن الرأسمال الثقافي يلعب دوره في الحياة اليوميّة، لأنّه يمثّل آلية من آليات النقاش العمومي وعنصراً أساسياً لبناء الهوية الحضارية للمغرب، فلا تقدّم بدون سياسة ثقافية تراعي الخصوصيا المحلية وتجعلها أفقاً لبناء تنمية مندمجة.




