يرصد هذا اليوم الدراسي المسار الذي قطعته الترجمة في تاريخ المغرب، لا باعتبارها عملية تقنية بين اللغات، وإنّما كدعامة فكرية قادرة على تأصيل وتجسير العلاقة بين الدول والحضارات. وبالتالي، فإنّ فهم واستيعاب هذا التطوّر التاريخي للترجمة سيُمكّننا من فهم قيمتها الرمزية ومكانتها الحضارية في تاريخ إنتاج المعرفة. بحيث أنّ ترجمة كتاب أجنبي مثلاً إلى العربية، يُساعد القارئ في معرفة نمط تفكير بعض الكتاب، سيما إذا كان الكاتب أو الناقد يمتلك من الفكر، ما يجعله مؤثراً في بنية الثقافات الأجنبية الأخرى. وعلى مدار سنوات طويلة، حرصت الدول ومؤسساتها الثقافيّة على نقل الكثير من الآداب والعلوم والفنون إلى لغات أخرى، بما يجعل هذه المعارف المُترجمة قادرة على التأثير في خصوصية الثقافة المحلية.
يشارك في اليوم الدراسي العديد من المترجمين الذين راكموا من التجارب الأكاديمية، ما يجعله في مقدّمة المترجمين بالعالم العربي. سيما وأنّ المترجمون المغاربة يحظون بقيمة لدى المؤسسات الأجنبية، بحكم معرفتهم الأصيلة باللغات في مسارهم التكويني وقدرتهم على نقل عشرات الهامة من الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والصينية وغيرها صوب اللغة العربية. فهذا النقل من اللغات العالمية إلى العربية، يُساهم ضمنياَ في تحديث الثقافة المغربية وجعلها ثقافة مفتوحة على مختلف تحوّلات الثقافة المعاصرة في ميادين شتى من المعرفة.