ركّز المعرض في اشتغالاته النظرية على العلاقة التي يُمكن أنْ تُنتسج بين التشكيل والقصة. وذلك بحكم أنّ هذه العلاقة مغيّبة داخل الساحة الثقافية. إذْ تُطالعنا معارض فنية عملت على تشريح العلاقة بين الشعر والتشكيل، بما جعل هذه المعارض تأخذ بعداً معرفيا في إبراز جوهر هذه العلاقة بين الاستعارة والمجاز والسند واللون والشكل. إنها علاقة تكاملية تُظهر مدى حدود التقاطع والتلاقي بين الشعر والتشكيل. أما في هذا المعرض الجديد، فيُواصل الأزهر تجديد أفكاره ومواقفه وقضاياه عبر توليفة تمزج الفن بالأدب. إذْ يُحاول عبر التعبير التشكيلي أنْ يُفجّر جنس القصّة ويجعل من القصص والحكايات والشخصيات أفقاً للتفكير. وفي هذا الأمر، ما يستحقّ الانتباه بالنسبة لفنان تشكيلي طالما عمل في معارضه الفنية على تجديد لغته البصرية. لم تتغيّر أعمال عبد الكريم الأزهر من الناحية الهوية البصرية، فشخصياته التي طالما عاش معها في مدينة أزمور تحضر في كلّ أعماله التشكيلية. وجوهٌ تُعطي الانطباع بفداحة الواقع الذي ننتمي إليه.
تنتمي أعمال الأزهر إلى الأسلوب الواقعي الذي لا يُعيد تجسيد ومحاكاة الواقع، بقدر ما ينطلق من أسس ميتافيزيقية للقبض عن هذا الواقع. وفق هذه الزاوية البصرية المختلفة، استطاع الأزهر أنْ يجعل من الإنسان العادي موضوعاً لأعماله التشكيلية. ركزّ الفنان آلام الإنسان في العيون وجعل بمثابة المختبر البصري لتوليد المعنى. فالعيون تُظهر أكثر ممّا تُضمر، إنّها تبوح بما يعاني منه الجسد من شروخ وآلام.