وقد وقع الاختيار على الفيلم بحكم الإمكانات المذهلة التي يحبل بها هذا الفيلم الوثائقي وأيضاً الجوائز الكثيرة التي حظي بها. ومنذ عرضه الأول بالمهرجان الوطني في طنجة لفت الفيلم انتباه المشاهدين والنقاد، حيث حصل على جائزة النقد عام 2023. فعلى الرغم من اشتغال المخرجة على مدار سنوات في مجال المسرح والأفلام القصيرة، إلاّ أنّ فيلمها الأوّل الوثائقي الطويل الأوّل كان مؤثّراً ويُضمر في ذاته بعضاً من قوّة أكلاز ورغبتها في اختراق جدران الفنّ وتوسيع آفاقها على مستوى الكتابة والتخييل.
فالفيلم يُتيح للمُشاهد إمكانات مذهلة في التعرّف على مشكل الألغام داخل الصحراء المغربية، إذْ تكشف المخرجة عن مدى تأثير هذه الألغام في الحياة اليوميّة للناس وهم يعيشون تحت ركام من الذكريات الجريحة.
وحرصت فاطمة أكلاز منذ المَشاهد الأولى للفيلم التأثير من ناحية السرد وحوار الشخصيات على المُتلّقي ودفعه إلى التفكير في هذه القضية التي جعلت شخصيات الفيلم تعاني من التهميش.
استطاعت أكلاز من خلال فيلمها الإنساني هذا أنْ تُؤثّر في الراهن السينمائي وتدفع بالسينما الوثائقية صوب أفق يغدو فيه الواقع أكبر من الخيال.
وإذا كان أكلاز قد اختارت الوثائقي بدل الروائي، فلأنّها شعرت بقيمة الفيلم الوثائقي وقُدرته على خلق بيئة مماثلة لطبيعة الحياة اليوميّة التي نعيشها. فالوثائقي له قُدرة على تشريح الواقع إلى صُوَر باقية في الذاكرة والوجدان. مقارنة بالفيلم الروائي الذي حتّى وإنْ اهتمّ بالتأريخ للواقع، فإنّ يبقى من جهةٍ أخرى مرتبطاً بالتخييل.