الكتاب عبارة عن تتمة لمشروعه الشعري الذي شرع في نشره والتفكير فيه منذ سنوات طويلة. ذلك إنّ صاحب « فاكهة الليل » حرص منذ عمله الشعري الأوّل على الكتابة وفق أفق مغاير لا يقف عند ما هو موجود من النماذج الأجنبية ولا أنْ يكون صوتا أو صدى لتجارب عربية معروفة. لذلك لفت بوسريف انتباه عدد من الشعراء والنقاد بما كان يكتبه من نصوصه شعرية وما يتأمّله من مفاهيم وأفكار ومواقف وجدت طريقها لاحقاً صوب أعمال نقدية أصيلة. ولا شك أن القارئ لعدد من أعماله، سيجد نفسه أمام أعمال شعرية مغايرة تراهن بشكل أساسي على المعرفة كأساس لبناء العالم. وهذا ما يفسر دائماً هجرة بوسريف إلى أراضٍ جديدة يعمل عبرها على خلق حوار معرفي، بغية الخروج بكتابة شعرية لا تقف عند حدود الواقع الفيزيقي الذي ننتمي إليه كأفراد، بقدر ما يعمل على تهديم الأسس والأنساق ومحاولة فهم العالم انطلاقاً من الشعر.
يقول بوسريف فيعمله الجديد هذا « لم تخرج هذه الأعمال من صميم الصدفة، كما إنها لم تات متفرقة أو كانت بالأحرى، نوعاً من التجميع، كما يحدث في أغلب ما نقرأه من شعر، فهي اشتغال وبحث دائبان على السياق الجمالي للغة وعلى الصور والإيقاعات وعلى الأفكار التي ليس هي من مضامين التجربة، منا نقول في العادة، بل إنها ذلك الأفق الشعري الذي هو طريق الشعر المحفوف بالمزالق والمنعرجات أو باللغة الحديثة: ما اعتبرته مشروعاً شعرياً يصاحب فيه النص النظر ويحايث كل منهما الآخر كما يحايث الليل النهار في لحظة تبادل المواقه وحلول كل منهما في الآخر ».



