تتميز تجربة عبد اللطيف محفوظ في قدرته المعرفية على المزج بين الكتابة الأدبية والتنظير الأكاديمي، وذلك بحم الإمكانات المعرفية التي يتوفّر عليها محفوظ وقدرته في الإلمام بالعديد من فنون القول الأدبي. ذلك إن الأعمال الأدبية تعطيه إمكانات كبيرة للتعبير مقارنة بالعمل النقدي الذي في أساسه مجرد تحليل واشتغال على المفاهيم والسياقات والنظريات. في حين أنّ الرواية تعطي للكاتب قدرة على نسج خطاب تخييلي يقترب من الواقع ويلامس السيرة الذاتية ويستشكل سراديب الذاكرة وخيباتها. غير أن الرواية عند عبد اللطيف محفوظ ليست مجرّد نزوة أو حظوة رمزية أمام المكانة التي بات يحتلها هذا الجنس داخل الثقافة المغربية، وإنما تأتي حدد الاشتغال في كونه يعتبر أن الرواية شكل من أشكال التفكير وبالتالي، فهي قادرة على التفكير في العديد من القضايا والإشكالات التي تطال الثقافة المغربية وراهنها.
نقرأ في الرواية « الغالي عبد اللطيف، كم كانت فرحتي عظيمة وأنا أفاجأ بك، وأنت تسلمني رسالتك، بعد أن انتابني الك في أن اهتمامك مجرد استلطاف من جار مهذب، سيما وأن الخفر الذي كان ينساب هادئاً من عينيك وأنت تغض البر حال التقاء عيوننا، كان يزيد شكي في تأويل نظراتك وسلوكك. ولا أكثم عنك عزيزي أنني منذ التقت عيناي بعينيك شعرت ببريق ساحر يجدبني إليك، أمر يحدث لي لأول مرة في حياتي.. ».