غابت طويلا، هذه الفنانة التي حفرت لها اسما محترما في مجرى الأغنية المغربية، لكنها عادت من جديد للتواصل مع جمهور ظل ينتظر طلتها، وجديد أغانيها التي عكست عمق مشروع فني ملتزم بهموم الانسان والوطن.
فمن خلال أغاني "يا جبال الريف"، و"سألوني عن العذاب"، و"رضينا بالهم"، و"مولانا نسعاو رضاك"، و"الحمد والشكور يا خالق البحور" إلى ألبومها الجديد "الدنيا في الميزان"، الذي يضم أغنية أمازيغية، استطاعت سعيدة فكري أن تحلق بعشاقها في رحلة استغرقت نحو ساعتين من الزمن، غمرها العشق الصادق للفن الأصيل والملتزم، الذي يخاطب الوجدان ويهتم بقضايا الناس وهمومهم.
وكان تجاوب الجماهير الحاضرة، التي توزعت بين أفراد الجالية المغربية المقيمة بمنطقة واشنطن الكبرى، وعدد من الضيوف الأمريكيين، فريدا من نوعه، ينم عن عشق كبير لإبداعات هذه الفنانة المتكاملة، التي تزاوج موسيقاها بين الروك والبلوز والجاز، وموسيقى شمال إفريقيا التقليدية، وأنغام الأمازيغ المغاربة.
واكتسى حفل سعيدة فكري طابعا خاصا، حيث رافقتها على المنصة مجموعة من الموسيقيين الأجانب، بينما تشكل الكورال من ابنتيها، رانيا وغفران، اللتين نهلتا من العوالم الفنية لوالدتهما.
وبرز نجم سعيدة فكري منذ نعومة أظافرها مع مجموعة "الكانتري" بالحي المحمدي في الدار البيضاء، قبل أن تقرر معانقة الأغنية الملتزمة، التي تلامس الواقع الاجتماعي المغربي، لاسيما هموم الشباب والصداقة والحب والسلام والحرية وقيم الأسرة والتسامح الديني ومناهضة العنصرية وكل أشكال التمييز.
ولم تتوقف تجربة سعيدة فكري عند هذا الحد، بل قررت الهجرة إلى الولايات المتحدة بحثا عن آفاق فنية جديدة، حيث درست بأمريكا اللغة الإنجليزية، وعلم النفس الاجتماعي، والإخراج السينمائي تخصص الشريط الوثائقي والفيديو كليب، الأمر الذي ساعدها على تطويرها أدائها الفني، والانفتاح أكثر على العالم.
ويأتي حفل سعيدة فكري في سياق سلسلة من التظاهرات الفنية والثقافية التي يلتئم فيها أفراد الجالية المغربية المقيمة بالولايات المتحدة، تكريسا للتبادل والتواصل بين أبناء الوطن الأم واحتفاء بالرموز الثقافية والفنية للمغرب.