عُرف عن المخرج إدريس المريني في كونه واحداً من المخرجين المغاربة القلائل الذين تميّزت تجاربهم السينمائية بإبدالات هامّة على مستوى السيناريو. فهو يعد من المخرجين الذين طالما قدّموا إسهامات كبيرة للسينما باعتمادهم على العديد من الأعمال الأدبيّة. إذْ يولي المريني قيمة كبيرة للعمل الأدبي، بحكم الإمكانات التخييلية التي تُتيحها بعض النصوص للأعمال السينمائية، فهي تنقلها إلى نظام تخييلي مكثّف وغني وذلك لكون الأدب يتمتّع بميزة جماليّة كبيرة تنعكس بشكل أقوى على الصورة السينمائية. إذْ نادراً ما نعثر على أعمال سينمائية ترتكز على الأدب وتحاول عبر هذا الجنس التعبيري أنْ تبني أفقاً تخييلياً تُمتزج فيه جماليات الكتابة ببراعة التصوير السينمائي.
وإذا تأملنا مسار المخرج إدريس المريني، سنجد تجربته كانت دائماً تتأرجح بين السينما والتلفزيون. فهو واحد من المخرجين الذين لم يفصلوا بين هذه الوسائط البصريّة التي تتعامل مع النصّ على أساس أنّه فكرة قابلة للتخييل، سواء داخل السينما أو التلفزيون. والحقيقة أنّه بقدر ما اشتهرت أعماله التلفزيونية مثل: « فرحة مؤقتة » و »العد العكسي » و« الخطيب » ظلّت أفلامه السينمائية تمتلك هي الأخرى جمهورها الخاصّ وتحفر مجراها عميقاً في الذاكرة السينمائية المغربية.
تبرز أهمية هذا اللقاء في كونه يُقرّب مشروعه الفنّي إلى الطلبة والباحثين وذلك من أجل التفكير في الاشتغال على أفلامه السينمائية بكل ما تطرحه من إشكالات سياسية وقضايا اجتماعية ذات خصوصية مركزية بالنسبة للمجتمع المغربي. على هذا الأساس، فإنّ مثل هذه العروض داخل فضاءات مفتوحة تزيد من قيمة السينما وحدّتها في أنْ تتحوّل إلى خطاب بصريّ مؤثّر له خصوصياته وجمالياته.
