ويأتي هذا الاختيار بحكم ما لعتبه صاحبة «تكبّر تكبّر» من دورٍ حيويّ في تاريخ الأغنية العربيّة المعاصرة، ذلك إنّ أغانيها لم تبقى مُرتبطة بجيلٍ بأكمله، وإنّما استطاعت أن تخترق جيلها وتنفذ إلى عمق الأغنية المعاصرة، بما تعرفه من تحوّلات فنّية وجماليّة. والحقيقة أنّ أميمة الخليل تُعد أحد أيقونات الأغنية المُلتزمة، إذْ لم نرها يوماً تجري وتلهث وراء الأغنية التجارية الربحية، بقدر ما ظلّت أمينة لنمطها الغنائي المعروف مع الموسيقار مارسيل خليفة، بعدما غنّوا معاً أغانٍ لا يُمكن محوها من الريبرطوار الغنائي، باعتبارها شهادة تاريخيّة عن جيلٍ مصاب بحمى السياسة وخطابها. رغم أنّ أغاني أميمة الأخيرة لها علاقة لها بأيّ توجّه إيديولوجي، فهي مفتوحة ومشرعة في وجه التعبير الجماليّ، الذي تُحوّل معه الخليل نصّاً شعرياً منسيّاً إلى أغنيةٍ خالدة في وجدان المُستمع.
هذا وتتميّز صاحبة «عصفور طلّ من الشبّاك» في كونها مغنية معروفة بأصالتها الموسيقيّة، لكونها لم تُغيّر يوماً رأيها تجاه مواقفها السياسية التقدمية ولم تستهويها الأغنية الترفيهية، بما تُحقّقه من نجاحاتٍ تجارية مُبهرة، كما الحال لتجارب من قبيل نانسي عجرم وهيفاء وهبي وإليسا وغيرهم من الفنّانات اللاواتي يُغامرن بتجاربهنّ الغنائية وراء الربح، بعيداً عن موقف يُذكر لهم على مُستوى التفاعل مع مُختلف مظاهر التنكيل التي يعرفها العالم العربي والعُّنف المُمارس من طرق بعض السُلطات تجاه الناس ويوميّاتهم.