تأتي قيمة هذا الكتاب الذي يسافر في أعمال المغربي عبد الكبير الخطيبي والفلسطيني إدوار سعيد، في كونه يتناول بالدرس والتحليل أهم نماذج فكر الحداثة، بحك الدور الذي لعبه الخطيبي وإدوار سعيد إلى جانب مفكرين آخرين في خلق أفق فكري مختلف ومغاير، لا يستمد مرجعبته من أنماط فكرية معيّنة، بقدر ما ينحت لنفسه مفاهيمه الخاصة، بما جعل هؤلاء المفكرين يشيدون علاقة خاصة مع فكر الاختلاف.
ويحرص الباحثون في هذا العمل الجماعي على إعادة الاعتبار لمفهوم التأويليات بكل ما يحمله من دلالات فكرية عميقة تستفيد منه مجمل الأشكال الأدبية ونظيرتها الفنية، على أساس أنه مفهوم قابل أنْ يتبلور داخل أكثر من شكل تعبيري. غير أن قيمة الكتاب أنه يركز على أعمال الخطيبي وسعيد ويسعى من خلال النموذجين إلى طرح قضايا تتعلق بالتأويليات وذات صلة بالدراسات ما بعد الكولونيالية.
وحسب الكتاب «ما وجهنا في اختيار تجربتين فكريتين متقاربتين في بعض الأسئلة والمشاغل، ومتفاوتتين في جملة من التصورات والمرجعيات أن ما أخذ يستأثر أكثر بالاهتمام في الموازنة بين المنجزات الفكرية أو الأدبية أو يرها هو الالتفات إلى الفروق والاختلافات التي تفصل بينها، وإيلاؤها عناية أكبر مقارنة بما قد يجمعها من تشابهات أو بينها من تقاطعات، ذلك أن التشخيص الدقيق لمكامن الإضافة والتجديد التي تنطوي عليها هذه المنجزات لا يتأتى باختزالها إلى جهات الاشتراك والتآلف التي تجمع بينها، بل بتفحص سمات المغايرة والتباين التي تميز بعضها واستقراء مواطن الإبداع والاجتهاد التي تحتملها».
