يتساءل المترجم حميد لشهب « ماذا يحدث عندما يقع الفلاسفة في الحب؟ » يقول « لست أعتبر رسائل آرندت وهايدغر جواباً شافياً على ما يحدث. إلا إن كان العصف بين ذهنين متوازيين لم يسعفا خضوع القلب لخلق نقطة التحام تضع هذا الحب في مسكنه الصحيح هو جواباً، كأنْ نقول: لا يحدث شيء عندما يقع الفلاسفة في الحب. إذ أنهما لا يتوحدان ولا يتزوجان ولا يعيشان مع بعضهما ولا يلتصق رأسي العاشقين الفلسفيين على وسادة، إذ لم يجتمع قبل الوسادة على فكرة واحدة. هذه الرسائل تؤصل فقط حقيقة أن المفكر يعيش في عاصفة هوجاء تضيِّع هويته عند نفسه في الوقت الذي ترسخ هويته الفكرية لدى الجمهور. كقارئة ذات ولاء للتاريخ الفلسفي مروراً برموزه (أشخاص ونظريات ومدارس) و أنحاز في الوقت نفسه إلى الأدب و نظريات الأدب المؤمنة بأن العاطفة هي مؤسسة العقل الأولى (خلاصة من تعبيري الخاص).
يُضيف « أحببت في الرسائل بين حنة آرندت ومعلمها الجامعي والفكري مارتن هيدجر صدقها فحسب. إذ أن الأدب الذي يحث على إطلاق المخيلة لإثراء النفس البشرية بقصص مؤثرة ترتقي بها هو أيضاً في أسمى و أزهى عصوره كان يؤكد أن الاستسخاف بوعي القارئ من خلال تمرير الأكاذيب و الخرافات الهدامة للنفس الحساسة الخاضع وجدانها للتأمل والتأثر، هو استسخاف يلغي جوهر الأدب و رسالته التي لا تقل عن أهداف رسالة الفكر سمواً في مبتغاها الذي تقصد منه الارتقاء بالإنسان وأن يفهم و يجيب على سؤال (ما البشر؟).
تلعب هذه الرسائل دوراً كبيراً في تغذية وجدان القارئ، خاصّة وأنّها رسائل تُخرج الباحث من المتون الفكرية التي تحتكم إلى العقل، صوب كتابة تروم تفكيك الجسد وترّج المخيلة. إنّنا أمام كتابة ليست كالكتابة المعهودة، لأنّ الأمر هنا يتعلّق برسائل لكنْ وفي نفس الأمر تصبح مرجعاً قوياً لعددٍ من الباحثين المتخصصين في فكر هيدجر وأرندت على حد سواء.