يقول الباحث « لم تفرز لنا نخبة مغرب القرن التاسع عشر مفكّرين ومصلحين من أمثال نظرائهم في المشرق كخير الدين باشا ورفاعة الطهطاوي وأحمد فارس الشدياق، كما ظلّت ثقافتهم بالقياس إلى هؤلاء محدودة جداً وسطحية. إذ ان هناك بوناً شاسعاً بين ما كتبه المغاربة حول قضايا التحديث والإصلاح وبين ما كُتب في مصر وتونس والدول العثمانية. لذا فإنّ محمد المشرفي يشكل استثناء ضمن الكتاب والإخباريين المغاربة خلال القرن التاسع عشر. فهو قد اطلع على كتاب « أقوم المسالك » لخير الدين التونسي واستلهم كثيراً من أفكاره، لهذا تجده في كتابه « تحفة الإمام ونصيحة الإسلام » متأثراً غاية التأثر بالفكر الإصلاحي المشرقي، كما نلمس فيه بذور تشكل وعي منفتح لديه فاق به كثيرا من أبناء جيله، لا سيما حين يدعو إلى الأخذ عن أوروبا والسير على منوالها، اقتداء بما سطره خير الدين التونسي في كتابه ».
ويرى طحطح بأنّ المشرفي « يدعو في « تحفة الإمام » إلى إعادة النظر في فكرة تحفظ الفقهاء المغاربة على المستجدات الحديثة وإلى الاستفادة من الدول الأجنبية وإنْ كانت مخالفة لنا في الملة ويحض السلطان الحسن طيلة الكتاب على ضرورة الأخذ عن الأوروبيين ويعدد له المزايا التي سيجنيها البلد من وراء ذلك، كما ينتقد الفقهاء الذين ينكرون الاستفادة مما عليه غير المسلمين في السير والتراتيب النافعة ».
من ثمّ، يرى الباحث أن كتاب « تحفة الإمام هو نص متميز وفريد من نوعه في مجال الكتابة الإصلاحية بالمغرب خلال القرن 19، فقد تناول فيه مؤلفه قضايا الإصلاح العسكري والمالي والإداري بكثير من الدقّة والتفصيل، وهو ما يضع على رأس رواد النهضة بالمغرب خلال هذه الفترة، بيد أنّ الكتاب مع ذلك لم يكُن له أيّ صدى ولا أي تأثير فعلي، لا في زمن تأليفه ولا في الفترة الموالية له، لأنّه ظلّ مجهولاً ومغموراً وبعيداً عن الأضواء ».
