ينتمي عبد الكبير ربيع إلى سياق فني تاريخي عرف نوعاً من التجريب والبحث عن هوية داخل التجربة التشكيلية المغربية. هذه الهوية التي ستتبدّى ملامحها في أعمال فريد بلكاهية وأحمد الشرقاوي ومحمد المليحي ومحمد شبعة، حيث الرغبة في التحرّر من الإرث الفني الغربي ومحاولة البحث عن لغةٍ تشكيلية نابعة من التربة المغربية وتاريخها. لكنْ في غمرة هذا الصراع على مفهوم الهوية، رسم ربيع مساراً آخر لأعماله الفنّية من خلال نمطٍ فني صوفي مغاير، يحاول من خلال ربيع أنْ يحفر في شكل هندسي يصعب أنْ نُسمّيه خطاً. لذلك يعتبر النقاد أنّ لوحات ربيع تدخل ضمن الأعمال الفنية التي تقترح على كلّ من يُشاهدها أنْ يُعيد تأسيس علاقة حسية مع الفنّ. فهي أعمال لا تُرى بالعين، بقدر ما تشعر بانسيابيتها وحركيتها في فضاء اللوحة.
وقد اعتبر ربيع في حوار سابق معه أنّ علاقته بالممارسة التشكيلية تعود إلى فترة الصبا، انطلاقاً من الكتاب المدرسي الذي ترسّخت من خلاله الصور وأصبحت تكتسي بعداً فنياً كلّما تقدّم به العمر لتصبح مع مرور الزمن تتّخذ ميسماً جدياً عبر الممارسة التشكيلية الحقيقية. ولم يفت ربيع الإشارة إلى أنّ الخطاب الصوفي الذي عادة ما تُصبغ به أعماله من لدن الباحثين والكُتّاب لا يتعامل معه كخطاب، بل يُحاول عبره التعبير عن ذاتيته كمُبدع. فكلّ شيءٍ عند الفنان ينطلق من ذاته وينتهي فيه، فهو ليس من الفنانين الذي يركبون على مويجات الموضة أو السياقات التاريخيّة أو الظواهر الاجتماعية، لأنّ اللوحة بالنسبة له قلقٌ فني، يُحاول عبره طرح جملة من الأسئلة والتفكير في الإجابة عنها في آن واحد.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا