تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه يفتح القارئ على نافذة جديدة من البحث. ذلك إنّ موضوع السيرة الذاتية، رغم ما يحظى به من أهمية بالغة داخل الثقافة المغربية المعاصرة، إلاّ أنّ ما يزال يعيش ضرباً من اللامفكّر فيه اليوم. فثقافتنا العربية الحديثة منها والمعاصرة لا تتوفّر على كتاب متخصصين في السيرة الذاتية، سواء لأهل الثقافة أو السياسة. من هنا يُسلّط عبد الغني الضوء على سيرة بعض علماء المغرب في إصداره هذا بغية توثيق سيرهم وتجاربهم في ليل المعرفة. وإلى جانب دراساته النقدية يكتب محمود عبد الغني الرواية ويمارس الترجمة باعتبارها أفقاً فكرياً يُوطّد علاقته بالمعرفة وتجعله يستفيد منها على صعيد رأسماله الرمزي داخل المجال الذي يكتب فيه.
تُبرز مؤلفات محمود عبد الغني الأخيرة طابع التعدّد الذي به تتميّز كتاباته، لكونها كتابات تظلّ مفتوحة على نوع من التجريب المعرفي الذي يدفع بالباحث إلى طرح قضايا وإشكالات ذات صلة بالثقافة المغربية. ورغم إنتاجاته الغزيرة في الكتابة الأدبية، إلاّ أنّ عبد الغني يُعرف كثيراً عند القارئ العربي بترجماته لعدد من الأعمال الأدبية، إذْ أنّ ذائقته الإبداعية تجاه هذا اللون المعرفي قوية وتتميّز بإبدالات هامّة، سيما على مستوى اختيار المؤلفات المترجمة والتي يحرص المترجمة في كل عملٍ جديدٍ له أنْ تكون ذات خصوصية أدبية مؤثرة في سوسيولوجيا الأدب الذي تنتمي إليه.