وحسب بلاغ توصل Le360 بنسخة منه، فمن أهم ما تميزت به هذه العروض هو احتفاؤها بشكل حصري ولأول مرة بأحد الملامح الأساس المكونة للمشترك الثقافي المغربي اليهودي، حيث يندرج إلى جانب الطبخ الذي حظي بعناية ملتقى إسكوفيي المغرب في دورته الحالية، الزي التقليدي الراسخ بأصالته وفخامته، القفطان، اللبسة الكبيرة" على حد تعبير اليهود المغاربة (منه على الخصوص، لما ينسجه من مكون يهودي مغربي توحده الكثير من قواسم التشابه والالتقاء فيما يتعلق بالألوان، ونوعية الأثواب، وأساليب الفصالة وصنوف التطريز والتوشيح والترصيع.. رغم اوجه التباين ذات البعد الثيولوجي وغيرها من التراكمات الحضارية الطارئة.
ليتأكد بالتالي من خلال هذا العرض، أن القفطان المغربي لم يكن أبدا أحادي النمط، بل كان دائما موسوما فضلا عن تعدد وتنوع تلويناته المحلية، بعديد مؤشرات دالة على كونه حاضنا لعدة روافد فينيقية ورومانية وإسلامية وعربية وأمازيغية وأندلسية، ويهودية وأوروبية..إلخ، بما يعكس التعدد والتنوع الذي يشكل غنى وخصوصية المغرب الثقافي، الأمر الذي يجعل اليوم أن القفطان المغربي أصبح لباسا عابرا للأقطار، سيما مع نجاحه في استقطاب وجذب أنظار وإعجاب الكثير من مشاهير الشخصيات والفنانين والفعاليات بعدد من أبرز المعارض العالمية.
وفي هذا السياق أعربت المصممة فاطمة الزهراء الإدريسي الفيلالي عن مدى سعادتها بمشاركتها في إحياء إحدى الفقرات الهامة التي كانت مبرمجة بهذه التظاهرة المتعددة الدلالات والأبعاد والتي تتزامن لحسن الحظ مع إعلان الملك محمد السادس عن إحداث مركز وطني للتراث الثقافي غير المادي ودعوته بالموازاة إلى توطيد التعاون المتعدد الأطراف في مجال حماية التراث الثقافي غير المادي وتبادل التجارب والأفكار في سبيل صونه وتطويره وتثمينه، مع البحث عن أنجع السبل لتربية الناشئة على أهمية تراثنا والاهتمام به كإرث بشري غني بروافده المتعددة وروابطه التاريخية الضاربة في عمق التاريخ.
وبالإضافة إلى افتخارها واعتزازها بهذه المبادرة والدعوة، أبت فاطمة الزهراء الإدريسي إلا أن تنقل مدى سعادة العارضين والمهنيين والمصممين والصناع التقليديين وغيرهم من العاملين في المجال، وهي من ضمنهم، بجهود بلادنا المبذولة من أجل تسريع إدراج لباس القفطان التقليدي المغربي على قائمة التراث الثقافي العالمي، بعد عملها على تسجيل مجموعة من العناصر الاساسية بالنسبة للهوية المغربية ضمن قائمة التراث الإنساني، علما أن تاريخ القفطان المغربي يعود لمائتي سنة، وإن كان البعض يؤكد على أنه أعرق من ذلك بكثير، حيث يعود وفق مصادر تاريخية، إلى عهد الموحدين.
لتخلص في الأخير، إلى الاشادة بمدى أهمية مبادرة اسكوفيي المغرب لما ترسخه من قيم الانفتاح والتسامح والوفاء والتعاون والتقاسم والتبادل والتكوين والترويج للعلامة المغربية وتجسيد فخر الانتماء لهذا البلد العريق والغني بتعدد وتنوع ثقافته غير المادية بما فيها الطبخ والقفطان وبعض الأنواع الموسيقية وغيرها من العناصر والتقاليد الأصيلة والراسخة التي من شان رصدها وحمايتها وتطويرها وتثمينها وترويجها ان يشكل رافعة لاشعاعه الواسع وجهوده الديبلوماسية الموازية وحواره الحضاري ونموذجه التنموي المنشود الذي يسعى من خلاله إلى انعكاس ثراء البلد على شبابه وأجياله الصاعدة وكل مواطناته ومواطنيه.
وللتذكير، فإن فعاليات ملتقى "تلاميذ إسكوفيي – المغرب" المنظم تحت الرعاية الملكية السامية في دورته الثالثة، انطلق من فاتح دجنبر الجاري بمراكش، وبإشراف كل من الطاهي غيوم غوميز، سفير فن الطبخ الفرنسي بالعالم، وفيليب فور سفير فرنسا السابق بالمغرب، والذي شهد حضورا فعليا وازنا للعديد من الفعاليات البارزة المغربية أساسا واليهودية والفرنسية، بمن فيهم طهاة دوليين وغيرهم من الطباخين وصناع الحلويات ومنتجين من الذين سيتم اعتمادهم كتلاميذ جدد ضمن مؤسسة إسكوفيي، وكذا عدد من السياح والفنانين والمبدعين والمصممين والضيوف من بين العشاق والشغوفين بكنوز التراث الثقافي المغربي اللامادي العريق.
يذكر أن جمعية تلاميذ اسكوفيي الدولية، التي تأسست سنة 1954 بمسقط رأس الطباخ الفرنسي الشهير، وانضم إليها المغرب سنة 2020، هي جمعية ذات هدف غير ربحي، تروم نقل روح عمل أوغوستين اسكوفيي للطهاة من الأجيال الصاعدة، ومن ثم النهوض باحترام ثقافة فن الطبخ، والرقي بالمهنية والاحتراف، وتبادل المعارف في مجال فن الطبخ. وتضم الجمعية في الوقت الراهن أكثر من 40 ألف تلميذ منتسبين لأكثر من 38 بلدا، وهي أكبر جمعية لفن الطبخ في العالم.