يعد الشاعر نجوان درويش من أهم الوجوه داخل المشهد الشعري بالعالم العربي، بحكم الإبدالات الجمالية التي طالت كتاباته منذ ديوانه الشعري الأوّل "كان يدق الباب الأخير"(2000). وتتميّز شعرية نجوان بقوّة تجريبية مُذهلة يجعلها تنطلق من الذات وتتشابك تلقائياً مع قضايا الجسد والتاريخ والذاكرة.
يكتب نجوان الشعر والمقالة الثقافيّة ويجعلهما ينسابان من جسده كخطاب معرفي واحد. لكنْ حين يذهب نجوان إلى فنّ المقالة، فهو يعمل بشكلٍ تلقائي على تحويل معجمه الشعري صوب المقالة التي يتخلّلها نفس شعري ناذر يُذكره بكتابات قاسم حداد وعبد الله زريقة وأمجد ناصر وسواهم من الشعراء العرب الذين مزجوا في سيرتهم الأدبيّة بين الشعر والمقالة.
ويحرص نجوان في مصنّفاته الشعريّة على كتابة بسيطة على مُستوى اللغة، حيث الجملة تضيق والمعنى يتّسع والصورة تتلون بألف ألون، وهي ترسم في مُخيلة القارئ صورة بقدر ما تقترب للقبض عن الواقع تنفلت منه في آن واحد.
كما أنّ عامل ترجمة أشعار درويش إلى لغاتٍ عالمية كثيرة، جعل دواوينه أكثر شهرة وتحظى باهتمام بالغ من لدن مؤسسات عالمية، لما يجدون فيها من قيمة شعريّة مُضافة داخل الريبرطوار الأدبي الفلسطيني.
وفي غمرة هذا التحوّل الشعري الذي عرفته قصيدة نجوان درويش، فإنّ القارئ يتلمّس قوّة كتاباته الشعرية ومدى اشتباكها مع قضايا الالتزام، بما يجعل الكتابة وجوداً بالفعل، فهي تُحرّر الجسد وتدفعه إلى الانخراط شعرياً في الواقع، بما يشهده من إشكالاتٍ وقضايا وتحوّلات.
وتجدر الإشارة إلى أنّ فوز نجوان جاء بمناسبة ترجمة ديوانه "تعب المعلقون" الذي نقله إلى اللغة الإنجليزية المترجم كريم جيمس أبو زيد والصادر حديثاً عن دار النشر الأميركية "نيويورك ريفيو بوكس". وكانت القائمة القصيرة تضم شاعر عربي آخر كبير، هو الشاعر السوري سليم بركات عن مختاراته "تعالي إلى طعنةٍ هادئة" التي ترجمتها الناقدة اللبنانية هدى فخر الدين رفقة جايسون إيوين. هذا إضافة إلى 4 أعمال أخرى مترجمة عن الإنجليزية والكورية والإسبانية والفرنسية.