ينتمي الشاعر صلاح الوديع إلى الجيل الثالث (الثمانينيات) داخل المشهد الشعري المغربيّ المعاصر، لما شهده هذا الجيل من نقلةٍ شعريّة على مُستوى تعامله مع النصّ الشعريّ، باعتباره مُختبراً للتجريب الشعري، حيث العودة إل الذات والرهان على البُعد المعرفي في سيرة النصّ الشعريّ، مقارنة بجيل السبعينيات التي وإنْ كان يُعتبر الأب الروحي للحداثة الشعريّة المغربيّة مع كلّ من محمّد بنيس وعبد الله راجع وعبد الله زريقة ومحمّد بنطلحة ومحمّد الأشعري، تظلّ نصوصهم الأولى مطبوعة بنمطٍ إيديولوجي، لما شملته هذه النصوص من ملمحٍ سياسيّ محض، يحاكي في تشكّلاته الجماليّة طبيعة الواقع العاري الذي انتموا إليه، سياسياً واجتماعياً وثقافياً.
ورغم أنّ ديوان "لا زال في القلب شيء يستحق الانتباه " لصلاح الوديع يُراهن في نصوصه على بعدٍ احتجاجي عن الظلم والحيف، فإنّ حرص الوديع على البُعد الجمالي جعله عملاً استثنائياً يغوص في خيبات الذات ويُعيد ترمميها شعرياً على عتبة التحوّل الذي عرفه الواقع المغربيّ خلال الثمانينيات.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مؤسّسة بيت الشعر، قد عملت في السنوات الأخيرة، على تحقيق نهضةٍ شعريّة قويّة في علاقتها بالإنتاج الشعري المغربيّ، حيث حرصت في فترة إدارة الشاعر مراد القادري على العناية بهذا الابداع الشعري وتوثيق تجاربه واحتضان عشرات الشعراء المغاربة وإصدار دواوينهم بحلّة فنّية أجمل. وقد ازداد حجم احتضان المؤسسة للتجارب الشعريّة الشبابية عن طريق نشر قصائدهم الأولى واحتضان أقلامهم داخل مجلة البيت التي يصدر بيت الشعر بشكلٍ فصلي أو حتّى داخل عددٍ من ندواته النقدية وقراءاته الشعريّة.
هذا إلى جانب جائزة الأركانة المرموقة التي يُقدّمها سنويا البيت لكبار الشعراء في العالم، في حفل شعريّ يحضره شخصياً وزير الثقافة ومديرة صندوق للإيداع والتدبير(CDG) بالرباط. وتحظى "الغرفة المضيئة" بأهمية كبيرة لدى المثقفين المغاربة، إذْ تعود البيت على عنصر المفاجأة من خلال اختيار شخصية شعريّة مغربيّة ساهمت منذ ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الـ 20 في مراكمة متنٍ شعريّ مُميّز، يأتي اللقاء على شكل سفر شعري يغوص في التجربة الشعريّة للضيف ويرصد أهميتها وتحوّلاتها داخل الجغرافية الشعريّة المغربيّة.